السجائر سلعة مهمة في السودان و مستهجنة في يوغندا
سالم الامين :
صديقي الذي أتى في زيارة إلى كمبالا قبل عام تقريبا ، و هو صديق لهذه الصفحة ، و ربما يطلع على هذه القصة التي استأذنته في كتابتها فأذن لي .
كنت احدثه عن إستهجان اليوغنديين لعادة البصق على الأرض، و التي يفعلها السودانيون ببساطة في كل مكان …
إن كنت في بوغندا و بصقت على الأرض فإن النظرات المستهجنة ستجعلك تندم على هذا التصرف الغير حضاري ، و تتمنى لو انك تستطيع أن تلتقطه من الأرض وترمي به في اقرب سلة .
أكثر من عشر سنوات قضيتها في هذه البلاد بصورة متقطعة لم يحدث أن رأيت بوغنديا يبصق على الأرض ، أو يتمخط في الهواء و يتطاير الرزاز فيؤذي الآخرين كما يفعل الكثيرين عندنا … كل يوغندي يحمل معه منديل يغطي به أنفه عند العطس، أو ينظف به فمه …
صديقي الذي يعرف هذه المعلومات سلفا ، قرر أن تكون آخر سفة يستمتع بها على متن الطائرة التي أقلته من الخرطوم إلى مطار عنتبي …
و لحظتها قد قرر أن يركز مزاجه على الخبيث الآخر السجائر ، لأن الله قد ابتلاه بالخبيثين …
لكنه تفاجأ عند وصوله بأن التدخين ممنوع في الطريق العام و في كل الأماكن العامة و عليه غرامة تتجاوز ال٥٠ دولار … بل حتى نظرات المواطنين و استهجانهم تجعلك تقلع عن التدخين غصبا عنك .
وجدني في تلك الأيام اسكن في شقة وسط حي شعبي ، الشقة جميلة جدا ، لكنها محاطة بمنازل و غرف بسيطة يسكنها مجموعة من مواطني الأقاليم البسطاء .
حساسيته العالية تجاه الآخرين تجعله يخرج و يجلس للتدخين على سلم الشقة الخارجي ، فكان لا يدري بأن الدخان يصل إلى سكان الغرف المحيطة بالشقة من ناحية السلم الخارجي . في اليوم الثالث و بمجرد أن أشعل سجارته فإن كل ساكنات تلك الغرف خرجت في وقت واحد و رمقنه بنظرات مستهجنة توضح ضيقهن برائحة السجائر.
صديقي بحساسيته العالية أطفأ السجارة بسرعة . فرجعن مرة أخرى إلى داخل الغرف ، بدون أن ينطقن بحرف واحد …
عاد إلى و قال لي 🙁 ياخي دي بلد عجيبة الناس ما يخلوك تقدر تولع سيجارة بمزاج!!) . منذ تلك الليلة أقلع عن التدخين حتى مغادرته كمبالا ..
عندما يعلن السماسرة عن الشقق في الصحف او الوسائط فإنهم يوضحون إمكانية التدخين من عدمه فتكون ميزة السماح بالتدخين أن كان كل السكان أجانب و مدخنون. أو أن تكون بلكونة الشقة تطل بعيدا عن الاخريين …
منطقة (اروا بارك) مكان تجمع السودانيين ، و هي من الأماكن التي لا تهتم السلطات لمنع التدخين فيها ، و هي المنطقة الوحيدة التي تدخل في مطعم أو كافي و تجد عدد كبير من المدخنين و كمية من الدخان ما بين السجائر و الشيشة ، حتى اليوغندين الذين يتواجدون في هذه المنطقة سلوكهم مشابه للسودانيين لان منطقتهم اروا متاخمة لحدود جنوب السودان لذا يحملون نفس سلوك السودانيين المستهجن عند الاخريين …
عندما تواعد أحد اليوغندين في هذه المنطقة فإنه يرفض و يطلب منك تغيير المكان ، لأنهم يعتبرون هذه المنطقة خارج القانون ، على الأقل لا يستطيعون منع رواده من التدخين أو بصق التمباك على الأرض .
نسبة المدخنين في بوغندا ضئيلة جدا لا تتجاوز ٢% بالمقارنة مع الأجانب ، فبالرغم من برودة الجو إلا أنه نادرا جدا أن تجد يوغندي مدخن … و أعلى نسبة جمارك و ضرائب تفرض على السجائر و التباكوا ، أما الشيشة فهي ممنوعة قانونا ، إلا أن السودانيين و الحبش قد نشروها الآن في الكثير من الكافيهات التي تخصهم …
الشعب يمارس سطوته في رفض العادات الضارة بصحته ولا يجامل فيها ابدا ، خاصة التدخين . و هو أكثر ما يضايق الأجانب ، بالرغم من ان القانون يبيح لهم كل شئ لا يضر الآخرين، لكن البصق و التدخين السلبي اكبر ضررا لذا لا يجاملون فيه ابدا …
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …