معاش الناس.. احذروا مصير الإنقاذ!!
محمد عبدالقادر :
إهمال الوجع اليومي للمواطن والتعويل على تخدير الناس بالشعارات والهتافات التي لاتسمن ولا تغني من جوع، كان من أسباب سقوط الإنقاذ.
تباطأت حكومة البشير في وضع حلول ناجعة للأزمات المعيشية، فأسقطها الخبز وذهب بها الغلاء وأنهت سلطتها أزمات الوقود والكاش في عامها الأخير، أو زمن حكمها ( المحسوب بدل الضائع).
ارتكب قادة حكومة التغيير وناشطوها (في العام الأول) ذات الخطأ الذي اقترفته الإنقاذ بعد (تسعة وعشرين عاما) من الحكم، وأعني أن تعيش حاكما مخدرا تحت تأثير السلطة غير آبه بأنين الناس وصراخهم تحت وطأة الغلاء وفظاظة الظروف التي لا ترحم.
الأنكى والأسوأ من كل ما يحدث أن ينبري أحدهم لإسكات أصوات المغلوبين بقوله إن الثورة (ثورة مفاهيم فقط) ولا علاقة لها بتحسين احوال الناس، يزعمون أن الخبز والوقود والدواء والحليب سقط من متاع الدنيا لا يفكر فيه إلا الدواب، ناسين أو متناسين أن الأزمة الاقتصادية هي التي ذهبت بالإنقاذ، وأن (الرغيف) كان بطل المشهد حينما أخرج الناس عن سلطة الدولة في بورتسودان وعطبرة والدمازين.
بعض الناشطين الذين يضللون الناس بالترويج لعدم أهمية الأوضاع المعيشية يعيشون في دول الخليج الذي قصدوه بحثا عن الرفاهية ومخملية الحياة وخدماتها الناعمة، تجدهم يتكئون على الأرائك حاثين المغلوبين المنهكين في صفوف السودان على الصبر وتسديد ثمن بقاء الثورة من أعمالهم وصحتهم ومستقبل وسلامة أبنائهم، يشعرونك أنهم قصدوا الاغتراب بحثا عن الحرية، والديمقراطية.
أسوأ من الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تطحن رقاب السودانيين الآن، غياب الحلول المعبرة عن إحساس حقيقي بمعاناة الناس، وعدم وجود افق لإنهاء المشكلات وغياب القرارات الكبيرة المفضية إلى وضع حد نهائي لوجع المعيشة اليومي.
ما يحدث من فوضى الآن وغلاء في الأسعار وما يواجهه المواطن من عنت في الصرف اليومي وصعوبة المعيشة أمر لا يطاق ويستوجب تدابير استثنائية عاجلة لمواجهة الوضع بما يلزم من قرارات وإجراءات، بدلا عن التمادي في إذلال الناس بالصفوف وخنق أصواتهم بالتصنيف الذي يضعهم في قوائم (الكوزنة) و(الفلول) إن رفعوا أصواتهم بالانتقاد والاحتجاج.
هنالك الآن غياب كامل للرقابة، لا توجد ثمة ضوابط تنحاز إلى المواطنين وتخفف عنهم غلواء جشع التجار، الحكومة انسحبت من الأسواق تماما، اشتعلت الأسعار في أسواق الأدوية والسلع الضرورية واللحوم والخضروات، في الحليب والدقيق والسكر والدواء بينما السلطة مشغولة بملفات أقل أهمية من معاش المواطن.
تغفل الحكومة حرب الأسواق المعلنة وتنشغل بمعارك انصرافية فرعية لا تسمن ولا تغني من جوع، الخطر على حكومة التغيير من الأسواق، فالرهان على صبر الشارع لن يفيد في ظل ما يواجهه المواطن من ظروف معيشية بالغة التعقيد.
الحقيقة التي ينبغي ان يواجهها (القحاتة) تؤكد أن الأوضاع المعيشية الحالية أسوأ مما كانت عليه في أي وقت مضى، وأن الفشل ظل (سيد الموقف) في الملفات كافة خاصة ذات الصلة بحياة مواطن ينفق ساعات يومه من صف إلى آخر بحثا عن الخبز والوقود والغاز.
السوق وصل إلى معدلات غلاء قياسية استحال معها حصول معظم الشعب (الفضل) على احتياجاته الأساسية، عليهم أن يعلموا أن الهروب من هذا الواقع بالترويج إلى أن الثورة للمفاهيم وليس لتحسين الأوضاع المعيشية لن يجدي مع الضغط الاقتصادي المتواصل على جبهة المواطن،
ستأتي لحظة تتساوى فيها الخيارات عند المواطن الذي سيختار الموت بحثا عن حقه ووجوده بدلا عن انتظاره جائعا ومريضا ومقهورا داخل البيوت ..
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …