‫الرئيسية‬ حوارات اعتذار الدعم السريع
حوارات - رأي - أكتوبر 2, 2020

اعتذار الدعم السريع

بكري علي :

مع ازدحام الأسافير بصور إعتذار قادة الدعم السريع لضحايا تفلتات جنودهم تتبادر إلى الذهن صورة أحمر الشفاه على وجه الخنزير. وهي صورة نمطية ترمز في أوساط السياسة بالعالم الغربي إلى الاجتهاد – بدون نتيجة – لتزييف واقع مختل بشكل أساسي. فكل مساحيق التجميل لن تمنح الخنزير جمال النساء، وكل محاولات التلميع لن تغيّر حقيقة أن الدعم السريع هو مولود غير شرعي لنظام بائد اقتلعه الشعب السوداني بأعظم ثورة أجرم الدعم السريع وآخرون في حقها.

وللأمانة، فثقافة الإعتذار ثقافة تستحق الاحتفاء لغيابها عن قاموس السياسة السودانية. وللأمانة أيضاً، كاد الشارع السوداني في سودان ما قبل فض الاعتصام أن يتجاوز حقيقة تكوين الدعم السريع لدرجة أن شاهدنا صور قائده مرفوعة في ميدان الاعتصام دون أن يحتج عليها أحد. ثم جاءت أحداث فض الاعتصام و ما تلاها من استباحة تامة لشوارع البلد وإهانة لأهلنا على الملأ توجّها مشهد سياط صبية الدعم السريع التي ألهبت ظهر أحد الأعمام أمام بيته وجعلته يتقافز ويتلوّى من الألم والحرقة. عاد بعدها الدعم السريع كما كان – مولوداً غير شرعي لنظام بائد – بل وأصبح متهماً أساسياً في جريمة فض الاعتصام وأستحق كُرْه الشارع السوداني وغضبه عليه.

أي جهود لتلميع الدعم السريع لا تخاطب أساس المشكلة ستفشل و ستنتج نتائج عكسية في كل مرّة:

(١) عدم شرعية الوضع الحالي للدعم السريع خارج الأجسام النظامية للدولة وعدم شرعية تمويله من إقتصاد الدولة، و

(٢) دور الدعم السريع في جريمة فض الاعتصام و جرائم حقبة الإنقاذ.

إذا أرادت قيادات الدعم السريع ومستشاروهم أن يكون لهم دور في المستقبل السياسي السوداني فعليهم أن يبحثوا بجدية وجرأة عن حلول تخاطب أساس المشكلة، و هي غير مستحيلة إن وُجدت إرادة حقيقية، خصوصاً في الواقع السياسي الخامل المُخجل الحالي والمفتقر إلى الأفكار الكبيرة وجرأة التناول والطرح. أدرسوا تجارب الدول التي حققت تحولاً من حولنا، ففيها ما يكفي للإقتداء. أما زيادة مساحيق التجميل فلن تنتج غير السخرية وإضاعة الفرص.

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …