‫الرئيسية‬ رأي قبل أن تنطفئ شعلة الثورة !!
رأي - أكتوبر 8, 2020

قبل أن تنطفئ شعلة الثورة !!

سيف الدولة حمدناالله :

ما الذي جعل في مقدور الشارع أن يقتلع أعضاء في المجلس العسكري عند بداية الثورة وهو نفس الشارع الذي يتعثّر اليوم في الإطاحة بوكيل وزارة أو بوزير فاشل؟ وما الذي جعل الشارع بعد مرور نحو عام ونصف يعجز عن تصحيح مسار العدالة العاجز والمُتلكِّئ وإزاحة المسئولين عن الفشل قي تحقيق العدالة التي إنتظرها الشعب ثلاثين عاماً ؟ لماذا عاد الشارع يئن ويندب حاله من جديد عبر وسائل التواصل الإجتماعي كما كان يحدث في عهد الإنقاذ ؟

الإجابة على ذلك تكمن فيما تحكي عنه التجربة والتاريخ عن حقيقة مفادها أن شعلة الثورة – أي ثورة – لها تاريخ صلاحية، ثم لا يلبث أن يهدأ عنفوانها شيئاً فشيئاً بمرور الزمن، حتى يأتي عليها الوقت الذي يلزم فيه الشعب عمل تراكمي لتشتعل ثورته من جديد، وقد يستغرق عقوداً من السنوات، وليس في هذا التفسير طعناً في صلابة شعبنا وجسارته وقدراته، ولكنها الحقيقة التي تقف وراءها الفطرة وطبيعة الأشياء، فالقطار حينما ينطلق يستطيع أن يأخذ أمامه أرتالاً من صخور الجبال، حال ما تهدأ سرعته أو يتوقّف، تستطيع (ظلطة) صغيرة أن تمنعه من التحرُّك. لذلك على الشعب أن يُدرك حقيقة أن التغيير والتصحيح لهما زمن محسوب، وأن الذين يقفون في الشط الآخر يُراهنون عليه.

هذه حقائق لا تقبل الجدل، وقد عاش الشعب هذه التجربة بالتحديد من قبل في أعقاب ثورة أبريل 1985 المجيدة، وهي ثورة كانت أيضاً عارمة مثل الثورة الحالية، ومن وهج الثورة كان الشعب في حالة إطمئنان كامل، بأنه أسقط آخر حكم إنقلابي، بلغت ثقة الشعب في قوته وعنفوانه أن قامت النقابات والاحزاب بالتوقيع على ما عرف عندئذ بميثاق الدفاع عن الديمقراطية، ومختصر هذا الميثاق أن يدخل الشعب في حالة عصيان مدني مع أول سماعه البيان بإنقلاب عسكري. فما الذي حدث ؟

بعد مرور أربعة أعوام فقط على قيام الثورة كانت شعلة الثورة قد إنطفأت، وهدأ عنفوانها وأخذه الريح معه، بحيث إستطاعت جماعة محدودة من الدراويش واللصوص ان يجثموا على أنفاس شعب قوامه (60) مليون مواطن بإنقلاب الإنقاذ المشؤوم، وحينما نجح الإنقلاب لزمت النقابات والأحزاب الصمت ولم يتحرّك الشارع لمقاومة الإنقلاب في حينه، وإحتاج لثلاثة عقود من العمل الثوري التراكمي قدّم فيه الشعب ألوف مؤلفة من الشهداء والضحايا حتى تحقق له النصر بثورة ديسمبر المجيدة.

بحمد الله، شعلة الثورة لا تزال الثورة مُتّقِدة، ويقف وراءها ويحرسها شباب يأكلون النار، ولكن يجب على الشعب أن يترك أنظاره مُعلّقة على عامل الزمن، حتى لا يمضي الوقت الذي يخفت فيه ضوء هذه الشعلة دون أن يتم تصحيح كل الإعوجاج الذي يحكي عنه الشارع اليوم، وفي مقدمته ملف محاكمة جرائم النفس والفساد التي أرتكبت في عهد الإنقاذ التي كاد أن يطويها الزمن ومجرميها لا يزالون طُلقاء ويتم الإفراج عنهم واحداً بعد الآخر ويغادرون البلاد، وكل الدلائل تُشير إلى أنه لن يحدث تصحيح في دولاب العدالة دون تغيير الرؤوس التي تحول دون ذلك داخل تلك الأجهزة.

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …