‫الرئيسية‬ رأي حسن عبدالعاطي: ظبي النتيلة
رأي - أكتوبر 9, 2020

حسن عبدالعاطي: ظبي النتيلة

البراق النذير :

لم يبارح الدكتور حسن عبدالعاطي خندق المقاومة طيلة سنوات النظام البائد، وساهم في بناء مجتمع مدني ديمقراطي في ظروف بالغة القسوة، وكلما ساد الإحباط كان ينتل بمشروع جديد من بين زحمة المحتارين متقدماً الصفوف.
في منتصف العام ٢٠١٧ كانت اتصالاتنا ولقاءاتنا وآخرين شغلها الشاغل هو كيفية الدفع بمشروع وطني حقيقي يجمع شتات المقاومة ويضع أسساً واقعية للتغيير بعيداً عن الانتصارات الصغيرة وبناءً على تراكم تجربة المقاومة التي اشتعلت جذوتها منذ العام ١٩٨٩.
الاجتماع الأول لحراك(الحرية والكرامة) الذي كان بتنظيم وتدبير من حسن عبدالعاطي كان في منزل السفير ابراهيم طه أيوب وضم حسن عبدالعاطي مع السيد السفير ابراهيم أيوب وبروف منتصر الطيب ومدني عباس وزهرة حيدر وشخصي الضعيف وقد كان ذلك في الأسبوع الثاني من يناير ٢٠١٨.
كانت أول قضايانا هي كتابة مشروع الانتقال، فكان من أقلامنا المسنونة حسن، وكان بعض حبر دوايتنا أفكاره، وجزء كبير من لوحنا تجربته في التجمع الوطني إبان سقوط نميري.
حين داهمنا شهر يناير ٢٠١٨ وقوى التغيير والأحزاب تحضر للمواكب الأولى( مواكب ١٦، ١٧، ١٨ يناير)، كانت دار سعادة السفير تتقاسم ومكتب حسن اجتماعات التحضير لما بعد إسقاط النظام، واتسعت الدائرة وضمت العديدات والعديدين ممن حملوا الهم وحلموا بالخلاص، فولد إعلان الحرية والكرامة الذي كان ميسم وسداة إعلان الحرية والتغيير، وصيغ مشروع البرامج البديلة، ووضع تصور لإدارة الفترة الانتقالية بما في ذلك فكرة المجلس التشريعي الانتقالي، كما بدأ التخطيط لكيفية جمع طرفي المعارضة ( قوى الإجماع ونداء السودان) على منضدة واحدة، فكان مكتب حسن هو الذي ضمهما بتمثيل دكتور عبدالرحيم عبدالله من الإجماع ودكتور ابراهيم الأمين من نداء السودان. يحدث كل ذلك وزبانية النظام وأمنهم الشعبي يطاردون الشرفاء ويعتقلون المناضلين خطفاً من الطرقات والمنازل. الغريب في الأمر أن بوابة دار السفير كانت مواربة، ندخل للاجتماع وأعيننا الجزعة على بوابة المنزل المقابلة لأحد المساجد الشهيرة التي يؤمها أهل الكبائر من النظام، والسيد السفير غير آبه من فرط الشجاعة ربما، أو لثقة في أن الخيانة لا مكان لها في وجود أمثال حسن عبدالعاطي ومن أحضرهم معه.
كان ضمن المؤسسين لكونفدرالية منظمات المجتمع المدني، ومن ضمن المبادرين للتفكير في الدور السياسي للمجتمع المدني، وحين يحتد النقاش حول قضية ما، كان يستغرق فيه حتى تشعر أنه متمترس غير متزحزح، فيفاجئ الجميع على حين غرة بالانتقال السلس لفكرة جديدة من صلب الاختلاف على القديمة.
في خضم مواكب ثورة ديسمبر المجيدة، تم اعتقاله من اجتماع بمكتبه هو والسفير ابراهيم والصديق الصحفي قرشي عوض، ولما مثل أمام جهاز الأمن والأوراق المحتشدة بالخطط والأفكار حول تطوير المقاومة مبعثرة كحرز ودليل إدانة على الاشتراك في تهمة مناهضة النظام، إنبرى حسن وأعلن للمحققين أنه هو المسؤول الوحيد عن تلك التهمة وأنه مع سبق الإصرار والترصد يريد إسقاط النظام مع الشعب السوداني.
حسن عبدالعاطي شمس النشاط التي انكسفت ومسرح الضوء الذي أسدلت عليه ستارة الموت.

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …