‫الرئيسية‬ رأي صالح عمار وحديث الجموع
رأي - أكتوبر 16, 2020

صالح عمار وحديث الجموع

علاء الدين محمود

الحديث عن أزمة الشرق بكل مطباته واجب لابد منه، والتعامل بالرؤية الأحادية ذات البعد الواحد، التي تفترض وجود بطل وخائن، لا تفيد وليست واقعية. فالجميع في شرق السودان ضحايا، هم ضحايا الجهل والتنمية غير المتوازنة والتهميش، وهم ضحايا الساسة الذين يتلونون بحسب الأوضاع والأطماع، حيث يظل الذئب متواريا خلف القناع، لكن سرعان ما يظهر الوجه الحقيقي.
لقد كنت أتمنى من عمار صالح الوالي المقال أن يصمت، لكنه لم يستطع أن يوق النفس شرورها ولا تحيزها وعصبيتها، فأخرج ما كان يضمره من خلال بيانه الذي أعقب الاستقالة، وهو البيان الذي أوضح أن عمارا لم يكن يقف في موقف مثالي متجرد من النعرات، وقبيل أن تصدر اية ردة فعل على نبأ الاستقالة، استبق الوالي الجميع وحذر الشرطة والأجهزة الأمنية من أي استخدم للعنف! وما أدراك يا عمار؟
يا عمار أنت لست واليا منتخب لتقيم كل ذلك العويل، فأنت معين من قبل مكتب حمدوك، تلك هي الجهة التي رشحتك، وحمدوك هو الذي عينك، فلماذا لا تمتثل وتوافق، مثلما وافقت على قرار تعينك بصدر رحب؟ لماذا لم توجه خطابا وبيانا لأهلك في الشرق بمختلف مكوناتهم تدعوهم لتغليب العقل وتدعوهم إلى كلمة سواء، لماذا اخترت أن تكون مثل منافسك؟ وهل اختيارك ان تكون مثل منافسك هو قرار جديد أم قديم يتوارى خلف قناع المسكنة والمثالية. لقد ذكرت في بيانك أن قرار اقالتك هو لطمة لمبادئ ثورة ديسمبر، فما هي تلك المبادئ التي تجعل أمر اقالتك دونه الأرواح؟
يا عمار انت قالت في بيانك الآتي: “لقد جاء القرار قطعا للطريق الذي بداناه بالحوار مع مجلسي السيادة والوزراء عبر مبادرة المصالحة والسلم الاجتماعي والتي وجدت تجاوبا من رئيس الوزراء و كان يمكن ان تشكل خارطة طريق آمنة تبدا بمصالحة اهلية وتنتهي بعقد مؤتمر جامع لشرق السودان”.. وذلك أمر عجاب، فهل مبادرة الصلح والسلم الاجتماعيين لا تتحقق إلا وأنت واليا؟ ذلك شرط غريب،
لماذا لا تتحرك وسط أهلك في الشرق بكل مكوناتهم وأنت متحرر من ثقل المنصب؟ حينها ربما تصبح مانديلا آخر، تأني للمنصب عبر اسهام حقيقي في حلحلة أزمة الشرق ونضال من أجل قضايا جميع المكونات، لا متحيزا لفئة ولا متعصبا لفريق، بل متحررا وعابرا لتلك الانتماءات من أجل واقع جديد يمثل الجميع ويضم الجميع، حينها تصبح واليا يرضى عنه الجميع.
ولماذا لم تذهب إلى الشرق لتمارس مهامك كوالي؟ لماذا لم تعلن العصيان على قرار بقاءك في الخرطوم؟ لأنك تعلم جيدا أنك لن تستطيع أن تقدم على ذلك الفعل.
يا عمار انت قلت في بيانك: “ان معركتنا سوف تستمر سلمية وسياسية لان قرار ترشيحي لم يكن قرارا قبليا وانما جاء من قيادة الثورة ممثلة في الحرية والتغيير ولجان المقاومة بكسلا” فهل معركتك هي أن تبقى واليا رغم أنف الذين لا يريدونك؟ لقد رأيت بعينك الحشود في شرق السودان، فهل ترغب في تحشيد مقابل لها بدعوى أن ترشيحك قد جاء من قبل الحرية والتغيير؟ يا عمار ان الاختباء تحت لافتة “ثورتنا المجيدة”، لن يفيد في شيء لن يجعلك حقا في مقابل الباطل، فما تقوم به هو التحريض بعينه، لقد فشلت في أن تكون واليا للجميع، ولم تكن حقا في مواجهة باطل، بل تمترست ذات تمترس خصومك السياسيين بذات أدواتهم وأساليبهم وهو ما يمكن أن يقود إلى حرب لن تتضرر منها أنت ولا خصومك السياسين بل إنسان الشرق.
يا عمار، انت لم تكتف بالبيان، بل كتبت من خلال صفحتك في الفيس، والتي تحولت إلى ما يشبه غرفة إدارة العمليات، كتبت منشورات تحريضية على شاكلة الآتي: “يوم الاربعاء (٧ أكتوبر ٢٠٢٠) التقيت رئيس الوزراء برفقة ثمانية من قيادات الصف الاول للإدارة الأهلية بشرق السودان وممثلين للحرية والتغيير، وقد دار نقاش ايجابي عن المبادرة التي تقدمت بها للسلام والتعايش الإجتماعي.
وتطرق كل المتحدثين إلى قضية والي كسلا، وابلغوه رفضهم استقالة الوالي او إقالته في هذا التوقيت والذي ستفهم عبره الجماهير ان القرار أتى نتيجة ضغوط، وشددوا على ان اي إتجاه لاقالة الوالي منفردا سيشعل الوضع ولن يستطيعوا حينها كقيادات السيطرة على الشارع”. هذا البوست يا عمار يحمل تهديدا واضحا، لقد تخليت عن وقارك وحكمتك، ولا فرق بينك ومن تعاديه.

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …