الغبي هو من يظن هذا الشعب مغلوبا على أمره
سيد الطيب :
وصف البرهان في اخر لقاء تلفزيوني الاحزاب بالمتخلفه والمتمسكة بأفكار عفا عليها الزمن وقد يتفق الكثيرين مع البرهان ان الاحزاب السودانيه متخلفه وهذا امر معروف في دولة حكمها العسكر 55 عام منذ استقلاها قبل 64 عام
ولكن الاكثر تخلفا والفكرة التي عفا عليها الزمن واكل الدهر عليها وشرب هي تمسك العسكر بالحكم والسياسة بدلا عن شرف الجندية والعسكرية والالتزام بالواجب الوطني في اطار المهنيه بعيدا عن كراسي السلطة السياسية.
في الانتخابات الامريكية الاخيرة التي تابعها كل العالم كان التركيز على المرشحين وبرامجهم الانتخابية وليس احزابهم واذا سألت معظم المتابعين للانتخابات ستجد الغالبية ما عارفين من هو رئيس الحزب الجمهوري ومن هو رئيس الحزب الديمقراطي والبعض يعتقد ان المرشحين هم روؤساء احزابهم.
الاحزاب على علاتها تتطور برامجها في ظل انظمة ديمقراطية تتيح حريه التفكير والتعبير والتنظيم دون مداهمات واعتقالات وحل ومصادرة وفصل وتشريد ومضايقات.
الشعب هو الذي يمنح الاحزاب شهادة وفاة او شهادة ميلاد وفق إرادته عبر صناديق الاقتراع وليس عبر عسكري يظن انه المنقذ والمفكر والسياسي والدبلوماسي الشامل.
الحزبين الجمهوري والديمقراطي الشغلو العالم في الانتخابات هم ذاتهم الحزبين الكانو قبل سنوات ضد التعديل الثالث عشر في الدستور الامريكي الذي الغى العبودية والاسترقاق وقالوا ان هذا التعديل يخالف شريعة الرب ولكن مع استمرار التجربة الديمقراطية الامريكية دون قطع الطريق امامها بإنقلاب عسكري تطورت برامجهم مع استمرار وتطور التجربة الديمقراطية.
عندما كان مارتن لوثر يقود حركة الحقوق المدنية في امريكا وتم اغتياله عام 1968 كان الشعب السوداني وقتها قد هزم أول نظام عسكري بثورة شعبيه ولكن قطع العسكر الطريق امامها بإنقلاب نميري عام 1969 وعادت الانتهاكات والقمع وحكم الفرد.
حالة الاحزاب السياسية السودانيه من اليسار الى اقصى اليمين لا تسر الا العدو ولكل حزب اخطاء تاريخيه وحاضرة ولكن لن ينصلح حالها وحال البلاد الا بإستمرار النظام الديمقراطي وان يذهب الشعب السوداني كل 4 سنوات لصناديق الاقتراع ويختار من يحكمه وفق البرنامج الذي يقدمه المرشح ويحاسبه عليه بصندوق الاقتراع لا صندق الذخيرة وفوهات البنادق.
صحيح احزابنا متخلفه والعمل السياسي متردي والفكري يكاد يكون معدوم والثقافي مترنح والنقابي هزيل وهذه اعراض مرض استمر من الاستقلال ولكن يظل العسكر الطامعين في الحكم دوما هم الاكثر تخلفاً، فقط انظر حولك كم عسكري يحكم بلاده وكيف تعيش شعوبهم؟
امام الحكومة الانتقالية فرصة لمعالجة الضغوط المعيشية التى فاقت كل التوقعات وتأسيس دستور دائم يقفل باب الانقلابات العسكرية التي يقوم بها عسكر مغامرين من تلقاء انفسهم او بإيعاز من سياسيين هذه الفرصة اتت مع ثورة ديسمبر العظيمة وتواصلت مع اتفاق السلام الجزئي وبحضور عدد من قادة الحركات منهم من كانت له تجربة سابقة في الحكم اذا لم تكن مع نظام المخلوع فعلى الاقل لديهم تجربة حكم في مناطق سيطرتهم ومهما كان الاختلاف حول الاتفاق والاراء الموضوعيه ابتداء من سيطرة العسكر على مجريات التفاوض وليس انتهاء بفكرة المسارات لا يمكن اختصار تفاوض استمر عام كامل في انه كان حول محاصصة المناصب فقط، في الامكان ان تكتمل فرصة البناء والتأسيس بإنضمام حركة عبدالواحد وحركة الحلو وهو ايضا صاحب تجربة سابقة في الحكم وسيكون اعظم انجازات الثورة اسكات صوت البندقية للابد اذا صدق العزم ووضعوا الوطن فوق الاحزاب والحركات والمصالح الشخصية للعسكر وكل طامع.
الشعب السوداني قدم تضحيات عظيمة عشان تجي حكومة مدنية تحقق اهداف ثورة ديسمبر المجيدة في الحرية والسلام والعدالة التي استشهد من اجلها ببسالة خيرة شباب السودان منهم من اتنكل بيهم واتمثل بجثثهم ومنهم الدفنوهم دون احترام حتى لحرمة الموت ومنهم الحرموا اسرهم من معرفة مصيرهم ما عشان صراعات لا تثمن ولا تغني من جوع وانماء من اجل بناء وطن العيش الحر الكريم ومن مشى في هذا الطريق في اصعب الظروف مرة يستطيع السير فيه عشرات المرات فلا يغركم صراعات الساسة والنخب فالشعب الذي واجه نظام المخلوع البشير بصدور عاريه يستطيع مواجهة وهزيمة صبيته الذين تربوا في كنف نظامه وتعديل العوج ومواصلة ثورته الموجة تلو الاخرى حتى تمام الوصول والغبي من يظن ان هذا الشعب مغلوب على امره ويمكن خداعه والاستمرار في حكمه دون ان يسأل عن حقوقه، اذا اضعتم الفرصة سيشيعكم الى مزابل التاريخ قبل ان تتمكنوا من تشييع ثورته التى تكالبتم عليها.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …