طريق جهنم ان تختار طريقاً لا يمشيه الشعب
سليمان حامد الحاج :
القرار الثوري الصائب هو الذي أتخذته اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني والقاضي بالإنسحاب من قوى الحرية والتغيير وقوى الإجماع الوطني لأنهما أصبحا مطية للقوى العاملة للانقلاب على الثورة. سيعمل الحزب مع قوى الثورة على مقاومة سرقتها وهو بهذا أختار طريق الوقوف مع الجماهير والانحياز لقضاياها بدلاً عن تضليلها بزراعة الآمال الكاذبة لخداعها رغم أن القرار جاء متأخراً عن رغبة الجماهير التى سبقته إلى رفض ممارسات هذا النظام وحاضنته السياسية وعبرت عن ذلك بوقفاتها الاحتجاجية ومسيراتها المليونية الهادفة لتصحيح مسار الثورة إلا أنها لم تجد إستجابة تذكر من الحكومة المؤقتة أو مجلس السيادي بل استمروا في التمادي في التضليل وخبث الوعود ومواصلة ذات النهج الاقتصادي المدمر لاقتصاد الوطن والمفقر للشعب والراهن لقراره وإرادته للمحاور التي وضعت نفسها في خدمة الرأسمالية العالمية وأدواتها – البنك وصندوق النقد الدوليين وهى تؤكد بذلك أنها تسير في ذات المجرى الذي عمقته سياسات شريحة طبقة الرأسمالية الطفيلية المتأسلمة.
مع ذلك، وبالرغم منه، أن تأتى متأخراً خير من أن لا تأتى. فالحزب تأخر لعاملين هامين حسب تقديري هما:
1- إعطاء الفرصة الكافية للحكومة وحاضنتها السياسية لإصلاح مسار الثورة بالإستجابة لمطالب الجماهير التى صنعتها.
2- الحفاظ على وحدة قوى الحرية والتغيير وقوى الإجماع الوطني لمعالجة وتصحيح مواقفهم التى لا تصب في مصلحة الثورة بل كل المؤشرات وممارسات الواقع المعاش توضح إنهما أصبحا مطية للعاملين على سرقة الثورة وتفاقم معاناة الأغلبية الساحقة من كادحي الشعب وتحولوا إلى أداة مساعدة للتفريط في سيادة الوطن واستقلاله وكرامة شعبه ضاربين بشعارات الثورة (حرية سلام وعدالة) عرض الحائط.
أننا نأمل أن يدرك القائلون بأن هذا الموقف من الحزب الشيوعي السوداني يساعد الإخوان المسلمين على العودة إلى الحكم، أن الإخوان المسلمين (شريحة طبقة الرأسمالية الطفيلية المتأسلمة) لم تبتعد عن الحكم، بل هي لا زالت باقية في كل مفاصل السلطة ومتغلغلة في كل شرايين الحياة بإمساكها لكل موارد ثروة البلاد وتفاصيل صادراته ووارداته متوارية وراء الحاكمين نيابة عنهم من المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير وقوى الإجماع الوطني. وهو وضع مريح لهم ويمثل تقية من النيران المباشرة المفتوحة عليهم من الشعب. أكثر من ذلك فإنهم يشيعون بين الجماهير بكل خبث:
(هذه الحكومة، حكومة الشيوعيين وهى الحكومة المدنية التي طالبتم بها وكنتم تلوكونها في هتافاتكم وشعاراتكم) وهو خبث لا ينطلي على فطنة وذكاء شعب السودان. فالحزب الشيوعي أعلن منذ تزييف الوثيقة الدستورية أنه لن يشارك في مجلس السيادة ولا الحكومة الانتقالية ولا مجلس الشعب. صحح موقفه من الأخير.
نحن في الحزب الشيوعي نقول للحادبين عليه والمخلصين للثورة ويرون بأن هذا القرار بالانسحاب يقود الحزب الشيوعي إلى العزلة.. ويكشف ظهر المتحالفين معه يبرز السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح هو: عزلة من من؟ فإن كانوا يقصدون العزلة من التحالف الجديد الذي انبثق عن مؤتمر سلام جوبا بمكوناته المعلومة بما فيها قوى الحرية والتغيير والإجماع الوطني فإننا نفتخر بهذه العزلة لأنها عزلة عن الذين يعملون لإجهاض الثورة ويخونون دماء شهدائها الذين سقطوا في ميادين الصراع الطبقي دفاعاً عن مصالح الشعب والوطن. أما أن كانوا يقصدون العزلة عن الشعب فقد أكد بيان اللجنة المركزية (إن الحزب الشيوعي سيعمل مع قوى الثورة والتغيير المرتبطة بقضايا الجماهير وأهداف وبرامج الثورة).
سنصبر على الذين لم يتفهموا موقفنا المبدئي من قضايا الشعب والوطن التي لا تقبل أي مساومة أو محاصصة.
إنه ذات الطريق الذي شققناه بقوة وسط صخرة نظام عبود الديكتاتوري وخرجنا من جبهة المعارضة عندما أصبحت عائقاً أمام تطور الحركة الجماهيرية برضوخها وتقبلها لقرار المجلس العسكري الرافض للاحتفال الجماهيري بعيد الاستقلال المجيد ورضوخها وخنوعها أيضاً لقراره بعدم الاحتفال جماهيريا بإطلاق سراح جميع قادة الأحزاب الذين كانوا معتقلين في جوبا. وكانت قاصمة الظهر التي عجلت بخروج الحزب من جبهة المعارضة تلك رفضها قبول الإضراب السياسي كأداة اقترحها الحزب الشيوعي للإطاحة بالنظام العسكري رغم أن الحزب كرر تلك الدعوة مرتين ووضح أسبابها وصبر على جميع أعضاء ذلك التحالف، إلا أنهم رفضوا الإضراب السياسي وفضلوا طريق المساومة الذي برهنت مقبل الأيام على خطاءه وفشله لأنه الطريق الذي رفض الشعب السير فيه، وإنحاز إلى طريق الإضراب السياسي والعصيان المدني مفجراً ثورة أكتوبر المجيدة.
ما كان أمام قيادات الأحزاب تلك التي شقت قاعدتها عصا الطاعة لها وانضمت إلى المظاهرات المليونية التي عمت كل أنحاء البلاد إلا أن تنضم إلى الطريق الذي ارتضاه الشعب.
نقول للذين يقولون إن الحزب الشيوعي بقراره ذلك كشف ظهرهم وكانوا يعتمدون عليه في لجان المقاومة ولجان قوى الحرية والتغيير والإجماع الوطني. الحزب الشيوعي لم يكشف ظهر أحد عكس ذلك تماماً فقد كشف بخروجه كيف أصبحت تلك الحاضنة السياسية للنظام بالأدلة والبراهين أنها أصبحت مطية له مطيعة ومنفذه لقراراته التي هي قرارات الإخوان المسلمين الحاكمين خلف ستارها وستار الحكومة الانتقالية مادين لسانهم بكل الخبث للشعب، فمن يبقى مرتبطاً بهذه الحاضنة عليه أن يتحمل كل أخطائها وسقطاتها السابقة والقادمة. وهو الذي يكشف ظهره بنفسه ولا يتحمل الحزب الشيوعي جريرة بقائه فيها.
أما الذين يقولون بأن قرار الحزب الشيوعي بالانسحاب قرار سليم إلا أنه تم في غير الوقت المناسب نقول لهم: الحزب الشيوعي صبر أكثر من عام على الممارسات الخاطئة للنظام وحاضنته السياسية وقدم كل البدائل السياسية والاقتصادية التي تخرج البلاد من أزمتها والمؤتمر الاقتصادي الذي كان الحزب الشيوعي ضلعاً هاماً وأساسياً فيه وطرح الحلول الناجعة لتخفيف الضائقة المعيشية التي وصلت حد الكارثة بالشعب أكبر دليل على مصداقية الحزب، رفضت جميعها، بل حل محلها توصيات وخطط البنك الدولي الذي دمر اقتصاد البلاد منذ فجر الاستقلال مروراً بالثلاثين عاما من حكم الرأسمالية الطفيلية المتأسلمة. بل أصر بكل الصلف وركوب الرأس على الاستمرار في ذات النهج المفقر والمدمر، فأي وقت أنسب للانسحاب من هذا الوقت، رغم أنه جاء متأخراً كما ذكرت من قبل.
نحن في الحزب الشيوعي لم ندعي في أي وقت أننا الحائزون على (البرنجى) في النضال عكس ذلك شعارنا الدائم هو (التعلم من الجماهير وتعليمها) والذهاب إلى الجماهير حيث هم وبما في رؤوسهم ونستمع لهم بكل الصبر والجلد دون تعالى أو تكبر. ما نفعله الآن هو أننا نعرض تجربتنا النضالية مع كل الأنظمة المتسلطة على الشعب السوداني للإفادة منها في نضاله الراهنة الهادف إلى المحافظة على استمرار الثورة حتى تحقق كل أهدافها. إن ما حدث في ثورة أكتوبر هو درس لو تعلمون عظيم لو أفاد منه المتكالبون الآن على السلطة بسرقة الثورة ونهب ثروات البلاد على حساب إفقار الشعب.
إنسحابنا هو انحياز للطريق الذي سلكه الشعب..
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …