‫الرئيسية‬ رأي دولة صلاح قوش العميقة
رأي - نوفمبر 26, 2020

دولة صلاح قوش العميقة

خليل محمد سليمان :

الحقيقة التي يجب ان يقر بها الجميع ان دولة الحركة الإسلامية قد إنتهت بلا رجعة، و اصبحت من الماضي التعيس الي الابد.

الاعتقاد السائد الذي سيطر علي كل ابناء، و بنات الشعب السوداني ان هذه الجماعة لا يمكن ان تسقط قط، و يرى البعض إستحالة ذلك لدرجة اصبح الجميع يردد ” انهم سيسلمونها الي عيسى عليه السلام”، ولكن كانت إرادة الشعب اقوى، و اعتى، فكانت المعجزة، و الثورة.

الواقع يقول تفرقت صفوف هذه الجماعة، و اصبحت مركب خربة إستغلها اللصوص، و قطاع الطرق، و شذاذ الافاق كما يحلو لهم وصف الشعب السوداني الكريم، فكان المنهج تمكين للفساد، و تأسيس قواعد للصوصية الممنهجة، للنهب، و القتل، و الجريمة المنظمة.

لم تكن لهذه الحركة مؤسسات، او مراكز تُعنى بالدراسة، والتحليل، و البحث، لتنزيل منهج التأصيل الكذوب في الدولة، و مؤسسات الحكم، وهنا كانت فجيعة الجماعة الدولية التي ظن قادتها ان السودان سيكون البؤرة التي ستنطلق منها لفرض واقع جديد في العالم، فكان السودان قبلة للإرهاب، و محطة عبور لأخطر مائة إرهابي في العصر الحديث حسب تصنيفات دولية، فكانت القوائم السوداء التي اقعدت السودان، و افقرت شعبه، و لا نزال ندفع فاتورتها باهظة الثمن.

وضاعة الكيزان، و ضحالة تفكيرهم، و إعتمادهم الجهل، و التخلف سلاح لمواجهة العلم، و المعرفة، و التطور، ذهبت بهم الي اقذر منازل الجحيم، وبئس المصير.

ظنوا في ضعف المجتمع قوة للجماعة، و تخلفه سيفسح المجال امام حملة شهادات الماجستير، و الدكتوراه في غسل الجنابة، و الفِساء، و سيمكن للمشروع الحضاري الجهنمي المتوهم زوراً، و بهتان.

ما سبق يُثبت فرضية عدم وجود دولة عميقة بشكل ممنهج تقف وراءها هذه الجماعة بشكل منظم، إلا جماعات في جزر معزولة تحركها العواطف العاطلة، و الامنيات المنفصلة عن الواقع، و افراد لهم مصالح فردية تخصهم، شئنا ام ابينا لهم تقاطعات مع بعض حكام ما بعد ثورة ديسمبر المجيدة.

الدولة العميقة الموجودة الآن هي من صنع الدجال الأعور صلاح قوش.

المعروف عن صلاح قوش صاحب طموح، راودته خيبته البيّنة انه يمكنه ان يرث السودان علي انقاض الحركة الإسلامية التي تفرقت بها السبل بعد مصرع الوطن الجريح فأصبح مغانم للسلب، و النهب، و متكأ، و ملجأ للصعاليك، و “الهمباتة”.

بدأ صلاح قوش بشكل ممنهج في تأسيس، قواعد دولته في صمت بعيداً عن انظار الجميع.

إخترق كل مؤسسات الدولة بما فيها القضاء، فكان يدفع بضباط في جهاز الامن للمنافسة، و الإنخراط في كل الوظائف التي تُطرح، فأصبح لديه قواعد في مفاصل الدولة يديرها بشكل مباشر، و هذا الملف يديره بنفسه، لا يسمح لأحد بالإقتراب منه.

كانت اكبر عملية تخلص فيها من القوات المسلحة، بالضربة القاضية، عندما اوحى للماجن المخلوع بأن القوات المسلحة غير قادرة علي مواجهة قوات العدل و المساواة التي اصبحت علي مشارف ام درمان، و ان المكون البشري للقوات المسلحة غير موثوق به، و يمكنه التواطؤ، و التماهي مع هذه القوات لأن السمة الغالبة للقوات المسلحة هي من ابناء دارفور، و جبال النوبة، و مكونات الهامش العريض المعروفة.

بلع الهمبول الماجن اللص الراقص الطُعم فبرز نجم الامن بقيادة قوش كقوة قتالية محترفة يمكنها فرض هيبة الدولة، و تبقى شفرات، و طلاسم هذه العملية بشقيها طي الكتمان إلي أن يقضي الله امراً كان مفعولا.

عدم ثقة البشير في قوش، و الخوف من بعبع جهاز الامن الذي صنعه قوش، بعيداً عن الانظار، و حواضن الحركة الإسلامية، و قادتها، كان لابد من إزاحة قوش من المشهد، و لابد من قوة توازي جهاز الامن فكانت قوات الدعم السريع، و هذه قصة، و حكاية اخرى، سنفرد لها مساحات، فكانت مأساة السودان صريعاً تتخطفه المحاور، و اجهزة المخابرات الدولية، والإقليمية، فاصبح الامن القومي حانة للقاذورات، و النجاسة.

للأسف تصدر المشهد بعد ثورة ديسمبر المجيدة عواطلية ضاقت بهم حانات، و مقاهي، و طرقات، و ازقة الغرب بلا هدى، او صلة بالثورة، و الإيمان بمبادئها، و ادبياتها، فأكثرهم قرباً من الثورة كانوا سماسرة، و مرتزقة لصلاح قوش مؤسس الدولة العميقة، و له يد في صناعتهم، و تحريكهم كالدمى، شئنا ام ابينا.

لذلك يعيش السودان الآن في اسوأ مراحل تاريخه علي الإطلاق، في غياب تام للدولة، و مؤسساتها، و اصبح الجهل، و التخلف هادي، و دليل.

لا تزال دولة صلاح قوش العميقة موجودة، و الكل يعلمها، بل الاسوأ اصبحت قبلة، و محراب للكثيرين ممن يدعون الثورة، و النضال، خشيةً، و خوف من الحريق، و طمعاً في رضى الكاهن لورثة اشلاء، و جثة الوطن الصريع.

للحديث بقية..

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …