‫الرئيسية‬ رأي في منزلنا ساعة الامام الصادق
رأي - نوفمبر 26, 2020

في منزلنا ساعة الامام الصادق

سالم الامين :

اتصلت لأعزي والدي في وفاة الامام الصادق المهدي ، لكنني للأسف لم استطيع ، لمعرفتي بمعزة الصادق و مودته عنده ، سلمت عليه و سألت عن أحواله و أنهيت المكالمة . على أن أعزيه في أقرب زيارة . تعزية و نقل خبر الموت لمن تجاوز التسعين من العمر يحتاج إلى تمهيد ، فأخبار الموت تزعجهم و تقلقهم و تحزنهم أكثر من الاخريين ويحتاجون إلى مواساة و طبطبة طوال اليوم لتبديد ما يعلق بنفوسهم من أسى . هذا عن الاخريين فما بالك اذا كان الخبر عن الصادق !! ؟ .
صورة الصادق المهدي الكاركتيرية هي الصورة العالقة في ذهني من الصحف التي يأتي بها الوالد يوميا عندما يعود إلى البيت . كان يقرأ صحف حزب الأمة الذي ينتمي إليه و يقرأ صحف المعارضة أيضا ، كانت معارضة الجبهة للصادق وقتها هي أشد ضراوة، و أكثر شراسة …
بعد فترة طويلة من تلك الأيام سمعت الصادق في لقاء تلفزيوني أظنه أسماء في حياتنا يقول انه لا يحمل ضغينة على من سخروا منه ، وأنه قد عفى على كل من ظلمه أو أغتابه أو سخر منه ..
انتمى الوالد لحزب الأمة و هو لازال طفلا ، عندما كان يزور الإمام عبدالرحمن المهدي بمعية عمته و زوجة والده ابنة حياتو بن سعيد عامل المهدي ، فكانت كتب الراتب في كل مكان في مكتبته ، و في مكتبة والده ..
لكن علاقة الوالد بالإمام الصادق توطدت بعد إحدى الانتخابات ، و قد فاز مرشح حزب الأمة في سنار . فسجل الصادق المهدي زيارة إلى سنار و التقى بقيادات الحزب الذين شاركوا و ساهموا في فوز مرشح الحزب .
بعد الاجتماع شكرهم الصادق ووزع عليهم ظروف فيها مبالغ مالية . و حسب ما يحكيه لي الوالد ، أنه تنحى بالإمام الصادق جانبا و أعاد إليه الظرف بعد أن شكره على كرمه وقال له بالحرف : ( الحمدلله حالي ميسور ، وأنا ساهمت في فوز مرشح الحزب لأنني أخدم مبادئي التي أؤمن بها ، ولا أريد ثمنا لذلك ). حاول الإمام أن يثنيه و يعيد له الظرف ، لكنه رفضه رفضا باتا ، فوضعه الصادق في جيبه …
ردة فعل الإمام على هذه الحادثة جعلته يدعوه بصورة شخصية لزيارته في مكتبه في الخرطوم . عند ذهاب الوالد دعاه الصادق لتناول وجبة الغداء معه في المنزل ، و أهداه ساعة سويسرية جميلة لازال الوالد يحتفظ بها ، و يعتز جدا بالساعة و الحادثة التي جعلت الصادق يسأل منه حتى بعد أن هجر السياسة كل ما زار سنار ..
بالرغم من أن الوالد ضنينا بسرد تاريخه السياسي و الاجتماعي ، إلا أنه ظل يسرد لي هذه الحادثة مرارا و تكرارا …
و عندما هجر قراءة الصحف بفعل الشيخوخة و طبيعة الأشياء ، يسألني كلما رأى صورة الصادق في الجريدة التي اتصفحها بجواره :
الصادق قال شنو ؟؟
فاقرأ له الخبر أو الموضوع الذي يخص الصادق .

نسأل الله الرحمة و المغفرة للامام الصادق المهدي يقدر تسامحه مع الناس ، و بقدر حب الناس له .
أعزي فيه والدي و جميع الأنصار و الأحباب .

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …