‫الرئيسية‬ رأي حمدوك: الثوري المضاد! أقيلوه اليوم قبل غدٍ!
رأي - يناير 7, 2021

حمدوك: الثوري المضاد! أقيلوه اليوم قبل غدٍ!

بقلم محمد جلال هاشم :

أصدقاء كثيرون يعتقدون بأن حمدوك يعمل على تضييع البلاد جراء عجزه الماحق عن إدارة الأوضاع الحرجة الحالية، وهو عجز يرونه متمثلا في فقدانه الماحق لأي رؤية يمكن أن تُنسب إليه، وهو فقدان يرون أنه مثير للحيرة والدهشة معا، هذا طبعا بجانب ضعف شخصيته وخَوَرِها الذي لم تجتمع كلمةُ السودانيين في أيامنا الكالحات هذه كما اجتمعت عليه. وبالطبع، كان شخصي الضعيف ضمن أوائل الذين نببَّهوا لهذه السلبيات التي ما كان ينبغي معها أن يُسمح له بحضور اجتماع لتجمع المهنيين، دع عنك أن يتم ترشيحه لرئاسة الوزراء دون أي مؤهلات بخلاف أن اسمه برز كمرشح لوزارة المالية في عهد المخلوع عمر البشير.
هذا ما كان بالأمس قبل شهور عدة. ولكني اليوم، وبعد أن أقام حمدوك الحجةَ على نفسه بمثلما جنت على نفسها براقش، فإنني قد أصبحت في شكٍّ كبير بفرضية أن حمدوك يدفع البلاد إلى الهاوية بقلة بصيرته وضعف شخصيته. إنه عندي أن ما يجري الآن ينبغي النظر إليه بفرضية مختلفة، مؤدَّاها أنه لا يحدث جراء قلة عقله أو انعدام بصيرته، بل بكامل عقله ومع سبق الإصرار والترصد! بموجب هذا، ينبغي النظر إلى حمدوك على أنه ليس سوى أفندي من أفندية متعلمي السودان، تمكنت القوى الإمبريالية من تجييره لصالحها عبر جاه الوظيفة، بالضبط كما فعل الاستعمار البريطاني مع الرعيل الأول والثاني والثالث من أفندية متعلمي السودان الذين يتحملون الوزر الأكبر في تضييع السودان. وأول ما يميزهم جميعا هو انعدام الرؤية، كأنما ليؤكدوا المثل القائل “قلم ما بزيل بلم”. ثم الاستعداد لرهن مصلحة البلاد بمصالحهم الشخصية الضيقة، حتى لو تعارضت المصلحتان. حمدوك الآن كما لو كان ينظر إلى تدهور الأوضاع في السودان وهو يبتسم من الداخل، أولا مما يراه غباء الذين هللوا بمقدمه دون أن يعلموا أن ذلك كان مخططا إمبرياليا هو نفسه يلعب فيه دور الكومبارس، ثم ثانيا ربما إعجابا وزهوا بنفسه كونه تمكن من صعود أكتاف أعظم ثورة في تاريخ البشرية فقط باتباعه تكتيك الصمت باعتبار أن في الصمت كلاما.
لقد ظللت، مع آخرين كانوا في البدء قلةً ثم ظلوا في ازدياد مضطرد، أطالب، ومنذ الشهر الأول عندما لم يقم بطرح برنامجه حيث تكشف أنه لا يملك أي برنامج لإدارة السودان في واحدة من أكثر لحظاته حرجا، بإقالة حمدوك، مشددا بأن تكون الإقالة اليوم قبل الغد ومعه مجموعة من وزرائه الفاشلين أو الانتهازيين (أو الإثنين معا – لا فرق)، أولئك الذين امتطوا ظهور الثوار والشهداء. هذا ما ظللت، مع آخرين، أطالب به، ولا أزال، وإلا فإن الشعب سوف يحصدُ التَّباب! وويلُ الشعبِ من حصد التَّباب!
وعليه، إن إقالةَ حمدوك اليوم أوجب وطنيا من غدٍ. فهذا رجل، في أفضل أحواله، فاشل وعديم الرؤية لدرجة تكاد أن تضعه تحت طائلة الخيانة الوطنية، ذلك طالما ارتضى أن يحتفظ بموقعه هذا برغم إجماع الكل على أنه فاشل وعديم الرؤية، ثم ضعيف الشخصية، ما يعني أنه غير ثوري بالمرة. ليس هذا فحسب، بل هو، في أسوأ احتمالاته، رجل غير وطني يحلم بأن تكافئه قوي الإمبريالية العالمية بتنصيبه سكرتيرا عاما للأمم المتحدة، ذلك مقابل خدماته لها المتمثلة في العمل الحثيث على تركيع وتفكيك السودان، تحقيقا لمشاريعها الإمبريالية. ولكن، إن كان هذا ضمن أحلامه العصافيرية، فهيهات له ذلك هيهات! فالإمبريالية لا تستخدم الفشَلةَ الضعفاء، أو خائني أوطانهم، أكان ذلك بإرادتهم أو جراء غفلتهم، إلا مرة واحدة! فهؤلاء ليسوا سوى أفندية يُستهلكون مرةً واحدة disposable elites.
كيف يمكن أن يكون حمدوك ثوريا وهو الذي وقف متفرجا على الثورة والثوار يقدمون الشهيد تلو الشهيد، دون أن ينبس ببنت شفةٍ، ولو بتغريدة عابرة؟ كيف يمكن أن يكون حمدوك ثوريا وحتى الآن لا يعلم له أحد أي برنامج بخلاف ما أشارت له به قوي الإمبريالية العالمية من ارتهانٍ كاملٍ للبلاد تحت وصاية ذراع الاستعمار الحديث المسمى بالأمم المتحدة؟ كيف يكون حمدوك ثوريا وهو يخشى مواجهة الثوار ومسيراتهم، وهم نفس الثوار الذين اعتلى حمدوك ظهر ثورتهم التي تحققت عبر مسيراتهم الهادرة هذي؟ كيف يمكن أن يكون حمدوك ثوريا وهو الذي يخشى مواجهة الصحافة بدليل انه لم يُقِم حتى الآن، وخلال عامٍ كامل، أي مؤتمر صحفي مفتوح؟ هذا بينما صنعت الثورةُ أغلب عناوين صحف العالم، وجذبت إليها مراسلي الصحافة العالمية وواجهتهم بلسانٍ ثوريٍّ مبين؟ كيف يكون حمدوك ثوريا وقد توارى خلف مكتبه خوفا من ملاقاة الثوار عندما جاؤوا إليه عبر مسيراتهم يريدون جرد الحساب؟ ليس هذا فحسب، بل كيف يكون حمدوك ثوريا وقد طبَّق فيهم نظرية فض الاعتصام، ذلك عندما أمر جلاوزة وزارته بفض المسيرات عبر عنف الدولة المعروف والمخبور من قبل الثوار؟ كيف بالله يمكن أن يكون ثوريا هذا الرجل؟ أللهمَّ إلا إن كنا نفهم الثورةَ على أنها تعني “أنثى الثور”!
كسرة: كيف يمكن أن يكون حمدوك خبيرا اقتصاديا دوليا وقد رضي، وهو بجانب هذه الصفة رئيس الوزراء أيضا، أن يكون نائبا لحميدتي الذي أُوكلت إليه رئاسة اللجنة الاقتصادية، ثم بعد كل هذا تمطى حمدوك مبتسما كما لو كان مجرد موظف علاقات عامة؟ كيف؟ كيف؟ مليون كيف!

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …