ما بين التأمر ونظرية المؤامرة.
حذيفة الجلاد :
ما بين التأمر ونظرية المؤامرة.
خواطر حول المؤامرات..
بمناسبة تجريم مايكل أنجلو وتحميله وزر أزمة وزارة التربية مع رئيس مجلس الوزراء.. مقرؤة مع ملاحظة كثافة أنشطة التأمر في استهداف الثورة والثوار وكافة المتمسكين بمواثيق الثورة ووجهتها.. وأخلاقيات الثورات..
____
مايكل::
ليس مايكل أنجلو هو المذنب،،
فلو لم يكن مايكل أنجلو لوجدوا حصان طروادة آخر يتوسلون به الوصول لمبتغاهم..
وليس شيوخ الإثارة الدينية من ذاتهم يتحركون، هم معبر جيد عن وجهة سلطوية سياسية دنيوية تماما…
الحكومة لم ترضخ لضغوط ممثلو النظام القديم، بل سعت للاستفادة منهم..
عبر مظهر الاستجابة لضغوطهم، “عبرت” إلى نوايا خط تحالفها السياسي في اصطفافه الجديد، وفي ذات الوقت أظهرت وكشفت عن طبيعة ووجه القوى التي تسند هذا التحالف،
لو كان الدين ما يدافعون عنه لطلبوا حذف الصورة المايكلية، لتأويلاتهم لمقاصدها، لا إلغاء منهج التاريخ، ووضع جميع المقررات الأساسية تحت فحص غير المتخصصين، يتصيدون ظنونهم وتأويلاتهم..
ولو كان الهم منهج، وتربية لكان لهم أن يكتشفوا في المنهج المنقح والمضاف إليه، أخطاء حقيقية ولأدلو بنقد موضوعي بناء للمعالجة،،
ولو كان الهدف غير سياسي لاختلفت معالجة رئيس الوزراء عن الدراما والضجة التي أخرجها، بمقدوره كان حلها بمهاتفة مع الوزير، او في جلسة وزارية، بقرارات تدرس يصدرها الوزير أو حتى وكيل الوزارة….
لا زلنا في خضم معافاة من استمرارية نهج وأخلاقيات التعاطي السياسي للنظام القديم..
نظام دولة الانحطاط، الأخلاقي والفساد والتأمر،، والتوسل بالأساليب القذرة سلاح مشروع في السياسة، دولة عدم احترام العهود، والتواقيع.. والمؤسسات.. واعتبارها محطات للخداع غير ملزمة..
___
نظرية المؤامرة:
رفض نظرية المؤامرة ليس دفاع جيد يغطى به وجه المؤامرات على الثورة ومكتسباتها وتوجهاتها.. ليس إنكار وجود التأمر..
كلما أشار أحدهم لتأمر يجري على الأرض افحمه أحدهم بعبارة (هذه نظرية مؤامرة).. فغدت الجملة أبرز وسائل دفاع وتخبيئة المؤامرة لوجودها الظاهر.
رفض نظرية المؤامرة،، وكلنا لها رافضون،، ليس إنكار لوجود المؤامرات.. وتكاثفها حين يكون السائد قيم متدهورة في نظام فاسد أو مستمر بقوة الاستمرارية بعد أول سقوطه..
ليس إنكار لكافة انقلابات العسكر في السودان، ناجحها والفاشل، ولا انكار للأزمات المتعددة التي تفتعل في وجه الديمقراطية كلما نشدت لنفسها وسطنا استقرار..
رفض نظرية المؤامرة هو نفي كون التأمر هو الأصل، استنكار أن ما يحرك السياسة، ويصنع التاريخ هو المؤامرات..
نفي أن التاريخ يصنعه بهلوانات فن الممكن، وحاشية القصور، والمجالس.. وفق مخططاتهم، في غرف معزولة، نفي ان الانقلابات تنجح لجودة سبك المتأمرين لها،، وأن التأمر لأجلها يأتي من أفراد لا قيد ولا شروط موضوعية عليهم إلا طموحهم وجشعهم للسلطة.. نفي أن التأمر سلوك سياسي خارج عن مسار الصراع العميق في المجتمع بين طبقاته وفئاته المختلفة، وفق شروط وجودهم.. نفي لا علمية حركة التاريخ.. ولا غائيته..
التاريخ لا تصنعه المؤامرات بل هي خاضعة تأتي في سياق حركته، كواحدة من أدوات الساسة، وممارساتهم في سياقه، ممارسة خاضعة ضمن شبكة البنية الفوقية لشكل وجود المجتمعات في اجتماعها..
هو ظاهرة سياسية تتفشى ويشتد عودها وتأخذ سمة تراءى كأنها “الثابت العادي” حين تنحط الحياة الأخلاقية والقيمية كما في المجتمعات التي درسها على عهده مكيافيلي فاتته مسبة التاريخ على كتابه القيم الأمير..
رفض نظرية المؤامرة لا يعني إنكار المعلوم من تأمر الترابي ورهطه على الديمقراطية، ولا إنكار تأمر إبراهيم الشيخ ورهطه على تجمع المهنيين لتغيير التوازن داخل مجلس مركزي ق.ح.ت لصالحهم..
وجود المؤامرة لا يعني أن نتائجها تأتي خطية وفقا لمخططها، غير خاضعة في مسارات تطور نتائجها لقانون الصراعات الأشمل الذي تأتي في سياقه.. ففي قلب التناقضات تنبت الحلول.. متمايزة عن إرادة صاحب المطبخ متفاعلة مع أداءه..
فتأمر الترابي لم يحقق له دولة الملائكة، ولا أوجد نظام مستقر إلى يوم القيامة.. ولكن سار به في الدرب الذي دفعه للتأمر، وأتى خلق قومه وطرقهم متوافقة معه،، درب الدفاع عن مصالح الرأسمالية التابعة الطفيلية، فولد الثورة ضده، وضد ما يمثله نظامه.
وتأمر رهط إبراهيم الشيخ لم يؤمن لهم قبول الشارع انحرافهم بالثورة.. فطفقوا يبحثون عن بديل يساندهم ويصطنعون التنظيمات الموازية لتنظيمات الشارع..
ولا تأمر المجلس العسكري مع الهبوط الناعم والمجتمع الدولي سيوقف توالد تناقضات خططهم مع مصالح الشعب السوداني حتى وصولهم إلى ما وصل إليه حكم البشير عاجزون تماما عن إيجاد الحلول السياسية والاقتصادية لأزمة ينسجون تفاقمها الأن، ومثلهم مثل البشير سيصلون حيث لا يبقى لهم إلا السقوط، مع كل ما يجره ذلك السقوط من تضحيات تبذل..
وضمن الحلول التي ستتجه نحوها معركة التغيير الجذري سيكون إرساء قيم تحارب التأمر محاربتها للنشل والسرقة ووضيع السلوك العام..
قيم تشبه أخلاقيات التغيير نحو نظام ديمقراطي يستنكف فيه النجاح عن تقبل وجوه ممثلو أخلاق ساسة عدم احترام التواقيع والاتفاقات، يلفظ أساليب الالتفاف، وحملات تشويه المواقف المنظمة باستخدام نهج الإعلام الجوبلزي..
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …