‫الرئيسية‬ رأي اهمية الدفع الالكتروني في التحكم على الرساميل
رأي - يناير 13, 2021

اهمية الدفع الالكتروني في التحكم على الرساميل

سالم الأمين بشير :

عامل الدرداقة اليوغندي في مدينة بانتيو الحدودية بين السودان و جنوب السودان يستطيع أن يحول يوميا مصاريف لأسرته في مدينة كاغيرا على الحدود اليوغندية التنزانية ، يفعل ذلك باستخدام هاتفه عبر خدمة ( Mobil money ) السريعة ، يدفع بالجنيه الجنوبي و يتم الاستلام بالشلن اليوغندي .
خدمة (موبايل موني) أي التحويل عبر الموبايل مستخدمة اليوم بصورة واسعة في كل دول شرق أفريقيا .
عبر الموبايل تدفع الرسوم الدراسية لأطفالك و فواتير الكهرباء و المياه ، و غيرها من الإجراءات الرسمية ، في يوغندا تحديدا يمكن أن تجري عمليات تحويل بشريحتك الشخصية تصل إلى 2 الف دولار ( أكثر من 500 الف جنيه سوداني ) في اليوم الواحد .
العملية تتم بصورة سلسة و سهلة جدا ، تناسب كل الشرائح الاجتماعية . وفرت على الكثيرين عملية حمل المبالغ النقدية الكبيرة . كل شخص يختار الرقم السري الذي يناسبه للحفاظ على الأموال من السرقة في حالة ضياع الهاتف …

هذه الطريقة أعلنت عنها شركات الاتصال في السودان منذ أكثر من عشر سنوات تقريبا ، لكن للأسف يتم اجهاضها و منع تنفيذها كل مرة من جهات تتضرر من وجود هذه الطريقة السهلة لتحرك الأموال و الرساميل . فأبقت على الطريقة المجحفة في تحويل الرصيد الجارية الآن و التي يدفع فيها المستفيد 10% من قيمة المبلغ الذي يتم تحويله ، و هي نسبة عالية جدا اذا ما قارناها ب 1% في دول شرق أفريقيا . و للأسف حتى التحويل بهذه العملية لا يتجاوز مبلغ ألف جنيه ( ثلاث دولارات) في اليوم الواحد ، و هو مبلغ ضعيف جدا مقارنة باحتياجات المواطنيين …

الآن بعد نجاح استخدام التطبيقات البنكية في التحويل السريع يمكن لبنك السودان تنظيم العملية باستحداث تطبيق موحد يشمل كل البنوك ، ويمكن لأي شخص أن يحول أي مبالغ لأي حساب ، حتى لو البنك مختلف ، ويكون ذلك برسوم رمزية تضمن استمرارية الخدمة ، و يساهم البنك المركزي في مصاريف و تبعات و تأمين التطبيق .
كذلك يمكن للبنك المركزي التعاقد مع شركة أو جهة لتوفير أجهزة الدفع الإلكتروني الخفيفة ، و تشجيع تجار التجزئة على إستخدامها، وكذلك تشجيع المواطنين للشراء عبر الدفع الإلكتروني .

تتفق وزارة المالية و وزارة الاتصالات و شركات الاتصال العاملة في البلاد على صيغة مناسبة لتشغيل خدمة تحويل الأموال عبر الموبايل، مع وضع هامش ربح مناسب لتشجيع الوكلاء للدفع النقدي للزبائن عند الحاجة إلى الكاش …
يجب فصل الرصيد المتداول كتحويل نقدي عن رصيد التحدث ، و ان تدفع شركات الاتصال مبالغ مساوية للكتلة النقدية المتحركة ك رأسمال لعمليات التحويل النقدي ، وأن تتم إدارتها مباشرة عبر بنك السودان المركزي . و تزيد شركات الاتصال نسبة التأمين كلما ارتفعت نسبة التداول …

باستخدام هذه الطرق ، و طرق أخرى يستحدثها البنك المركزي يمكن التحكم في الرساميل المتحركة خارج البنوك ، و يدفع المواطنيين إلى إيداع أموالهم و مدخراتهم في البنوك ، و الاستعاضة عن الأوراق النقدية بالتحويل الإلكتروني . بذلك يقلل البنك المركزي من نسبة طباعة الأوراق النقدية .
أهم مافي هذه العملية هو إلغاء الفئات الكبيرة من العملة و الإبقاء على فئة الخمسين جنيه كأعلى فئة مضافا إليها فئة العشرين و العشرة . هذا الأمر يحارب التزوير تماما ، لأن قيمة طباعة ورقة فئة 50 جنيه أعلى من قيمتها التسويقية ، و لحفظ مبلغ لا يتجاوز المليون جنيه سيحتاج إلى غرفة كاملة ، لذا من الأفضل إيداعها في البنك أو الاستعاضة عنها برصيد يحمله في الهاتف برسوم رمزية لا تتجاوز الألف جنيه …
في الأخبار صباح اليوم القبض على مجموعة بقيادة مدير بنك ونائبه تعمل في تزوير العملة ، هذا يعني أن عملية تدمير الاقتصاد تتم عبر مسئولين في الدولة ، و يجب التصدي لهم بالإجراءات الإدارية و القوانين الرادعة ، و الدفع الإلكتروني سيحارب عملية التزوير تماما .

في بعض الدول تخضع للمساءلة القانونية عندما تحتفظ بمبالغ تتجاوز عشرة الف دولار خارج النظام المصرفي ، و عندنا في السودان هناك من يحتفظون بأموال في غرف و مباني معدة لهذا الأمر و تتجاوز كميتها السيولة الموجودة في بعض البنوك …

لكن يجب أن يسبق هذه الإجراءات إصلاح اقتصادي شامل ، بتحرير الجنيه و رفع الدعم عن الاستهلاك و فرض ضرائب حقيقية على الرأسمالية و السماسرة و محاربة الفساد .

النظام البنكي يحتاج إلى إعادة صياغة ليقوم بتدوير الإيداعات على القطاعات الإنتاجية باستحداث منتجات بنكية مرنة تساهم في دعم الزراعة و الصناعات الصغيرة و رفع مستوى المعيشة لدى الشرائح الضعيفة ، بدلا عن منتج واحد هو المرابحة التي تدفع للاغنياء و رجال الأعمال و السماسرة من المحاسيب و الاصدقاء للعمل في مهن هامشية تدر فوائد عالية و تضر بالاقتصاد و تلحق به تشوهات كبيرة

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …