‫الرئيسية‬ رأي العسكر المدنيون في المجلس السيادي
رأي - يناير 16, 2021

العسكر المدنيون في المجلس السيادي

بشرى احمد علي :

اعتقد ان المدنيين في المجلس السيادي قد انساقوا لمشروع حرب لا يعلمون نهايته، في السابق لم يكن مسموحاً بالحديث عن المسائل العسكرية والتي طالما ظلت وبقيت من اختصاص الجيش، و مثلاً لا يستطيع المدنيون في الحكومة الحديث عن حرب اليمن أو صفقة منح ميناء بورتسودان للروس لمدة خمسة وعشرين عاماً، ولا حتى الحديث عن سيادة السودان على محافظة حلايب او المناطق التي تحتلها قوات لام اكول في جنوب النيل الأبيض، وقد سقط قبل أيام عدداً من المواطنين في منطقة ( المقينص) جنوب النيل الأبيض بين قتيل وجريح على يد قوات لام اكول التي يدعمها الجيش السوداني ، لكن هذه القضية بسبب انها لا تمثل أهمية اقليمية لبعض الدول، لذلك بقيت في طي الكتمان وغير متداولة في وسائل الإعلام..
وطُلب من المدنيين الان بأن يكونوا آلة دعاية للحرب، وبحكم ان الاستاذ محمد الفكي محسوب على محور الإمارات تم تفويضه للعب هذا الدور لتقويض سلطة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك والذي لا يخفى معارضته لهذه الحرب، ولكن وزرائه رموا به تحت عجلات القطار بعد أن تحالفوا مع العسكر ، فذهب إلى الإمارات غضباناً أسفاً تحت ذريعة الفحوصات الطبية ولكنه عاد ليجد كل اعضاء حكومته يرتدون الزي العسكري ويتقمصون دور المخلوع البشير الذي اسقطته الثورة ..
اما رجل الشارع العادي فهو لم يعد مهتماً بهذه الازمة والتي شغلت فقط النخب السياسية المتصارعة على سدة الحكم ، ثلاثين عاماً من الحرب في الجنوب، وعشرة سنوات من الحرب في دارفور، كل ذلك جعل المواطن السوداني لا يتحمس لمشاريع الحرب وان بدت براقة وجميلة..
أحدهم راسلني وقال لي ، نحن سوف نحارب إثيوبيا بطريقة غير التي حاربنا بها الجنوبيين.. سألته كيف؟؟
قال لي في الجنوب كنا نحارب سودانيين.. اما الان فنحن نحارب دولة اجنبية مما يجعل الإيمان بالحرب مطلقاً..
هذا مثال واحد لخطل الرأي في تقييم الحروب عند عقد مقارنات غير ممكنة ، وبحكم انني عاصرت حرب الجنوب لذلك لن يجادلني احد في طريقة تعاطي الإعلام السوداني معها، تلك حرب حرب اقتنع بها الطلاب واساتذة الجامعات والأطباء، فالاعلام وقتها تحدث عن محاربة يوغندا واسرائيل وامريكا في جنوب السودان، فكانت حرب تحظى بكل القيم المعنوية والدينية ، وحتى تم اتهام السعودية ومصر بإرسال شحنات سلاح للحركة الشعبية..
ميدان الحرب هو شبيه بميدان كرة القدم، يتم تغيير اللعيبة ولكن مساحة الملعب لا تختلف من مكان لآخر، فالحرب تقودنا لنتيجة واحدة من اثنين، الانتصار العسكري او التفاوض والغالبية العظمى من الشعب السوداني غير متحمسة لهذه الحرب ولا تتابع أخبارها ، وذلك ولأن معركة الجماهير الحقيقية هي مع صفوف الخبز والمواصلات والدواء، فغريزة البقاء على الحياة مقدمة على الايدلوجيا، ولا يمكن أن تكسب الحرب وخلفك شعب فقير ومحروم من أبسط مقومات الحياة..

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …