في صخب الأحداث…. ريم عماره

في صخب الأحداث..
………
ريم عماره
………

إننا نعيش في عالم من المتغيرات الدراماتيكية والصاخبة التي لا يمكن التنبؤ بها..

ولأن الحقائق لا تُغلّفُ بالسكّر..علينا أن نتنفس بعمق ونواجه اختلافاتنا..

اختلافاتنا في كل شيء.. في تفكيرنا .. وأجيالنا.. وثقافاتنا.. وتعدد أعراقنا.. وتنوع جغرافيتنا.. واختلافاتنا حتى في التعبير عن حب سوداننا ..

إن تضاريس هويتنا معقدة وغامضة.. شكلتها عوامل كثيرة .. تنوعت واختلفت باختلاف سلالاتها وحضاراتها وحتى مناخها وموقعها الجغرافي..

وبالرغم من صعوبة اندماجها في لوحة واحدة.. الّا انها تسابقت في صياغ انسيابية فريدة ، فبعثت بروافد بحر العرب وبحر الغزال ليلتقوا بالنيل الأبيض، وأرسلت نهر الرهد ونهر الدندر ليصبا في النيل الأزرق ..والكل محمل برسائل حضاراته من جميع بقاع السودان.. تتشابك وتتحد في مقرن الجمال برغم كل الصعاب والعواصف والسدود .. لتشكل أروع لوحة للوحدة و الانتصار والعظمة..

وكذلك الثورة..

لقد رُسِمت تلك اللوحة في دولة القيادة ، فجمعت كل اختلافاتنا وإبداعاتنا وتعدداتنا وصنعت سوداناً مُصغّراً.. نيله الثورة و شريانه الوطنية..

فشكلت معجزة الٰهية أخرى.. كانت للبعض أجمل من أن تصدق.. فهي صياغة لتاريخ جديد .. يخالف المألوف..

سَبَحنا في أجواء القيادة.. وعشنا نتنفس ربيع الشعر والفن و الإبداع .. وأصبحنا نتريَّق بدندنات صباح الخير .. ويا اخوانا الشاي.. الشاي بي جاي، ومعاه كيكة..

وفجأة.. أفقنا على صرخات الجرحى .. واغتسلنا بأنهار الدماء .. و فجعنا بموت الشهداء..

وعندما تقع المصيبة .. يختل توازننا وتوهن قوانا ..

وقبل أن نلملم بعضنا.. يتسلل الشيطان ويتصيّد مواضع ضعفنا.. وبخباثة ابليس.. يمتحن ارتكاز نيلنا وقدرته على مواصلة سريانه وكفاحه حتى يصل إلى مصبه..

ولأنه ابليس.. فهو منذ الأزل يعيش بقانون فرِّق تسد..

هو نفسه ابليس الذي سطّر أول مذبحة في تاريخ البشرية حين قتل قابيل أخاه هابيل..

حينها علم الشيطان أنه انتصر.. وأن سُنَّته في الحياة (فرِّق تسد)..

وها هو الآن يستعرض اسلحته من جديد.. يفرقنا ليسود قانون الشيطان..

ولكن هيهات.. فهو لم ولن يقدر أن يفرض سيادته على النيل العظيم بالرغم من كل محاولاته لزرع الفتنة في أرض السودان ..

ظل النيل كياناً متحداً.. في مساره ثابتاً رغم كل العواصف والسدود..

وكذا ثورتنا المجيدة.. نستقي قوتها من نيلنا الجاري..

رغم كل اختلافاتنا وتعدداتنا.. لزاماً علينا أن نتحد حتى نصل إلى مبتغانا .. وإلى مصب حرياتنا و ديمقراطيتنا..

ولا يسعني الّا ان أقول..

ماشين في السكة نمد.. لنعيش حياةً تخالف المألوف

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …