نحو تحالفات الحد الأعلى

القيادي بقحت محمد فاروق يكتب : نحو تحالف حد أعلى
نحو تحالفات الحد الأعلى: دعوة للإصلاح والاهلية لأسس تحالفات الانتقال
“لا يستقيم الظل والعود اعوج”
الدعوات لإصلاح الوضع داخل الحرية والتغيير ستصطدم دائماً بعقبة أساسية في طبيعة هذا التحالف الذي يقوم على عقلية الحد الأدنى وبالتالي يعرف نفسه كتحالف سلطوي يخضع لسيطرة المطامع المباشرة في السلطة وطموح الأفراد والمجموعات في احتكار ممارستها، ويعيد تعريف الفترة الانتقالية كفرصة لممارسة السلطة كبديل للعملية الديمقراطية يتدثر خلف الدعوة لتأسيس الديمقراطية والانتقال للتداول السلمي للسلطة، بينما هو في الواقع يؤسس للتأثير عبر إدارة الفترة الانتقالية على مجمل العملية الديمقراطية مستقبلاً وأظنها السمة الغالبة لأيديولوجية الفترات الانتقالية عندنا.
وفق هذا المفهوم الذي يختذل عقل الثورة داخل العقل السياسي تصبح الحرية والتغيير وبشكل تكوينها الحالي، وبغض النظر عن طبيعة هذا التكوين بعد ١١ ابريل والتجاوزات والأسئلة حول شرعية تمثيله للثورة، تصبح هي العقبة الاساسية امام عملية التغيير الحالية وإنجاح الفترة الانتقالية وتناول قضايا الثورة بشكل مبدئي خارج سياق المكاسب السياسية الهشة (مقارنةً بمتطلبات الانتقال) ويصبح اسقاط القضايا او تصعيدها خاضع للطموح السياسي وحده لاحتكار السلطة لمراكز القوى المسيطرة على قحت الان. لينعكس هذا حتى على اجراءات العدالة الحالية، الناقصة والمعيبة والتي أغفلت اولويات أساسية كانت لتتيحها الثورة في التاسيس للعدالة عبر تحقيق العدالة الانتقالية وإعمال مباديء الحقيقة والمصالحة والإنصاف حتى لا تصطدم اجراءاتها بهذا التشكيك الذي يتجاوز الان الضحايا وأسرهم لاسر الجناة انفسهم!!، والأسس التي تقوم عليها اجراءات تفكيك التمكين للنظام السابق في عملية إصلاح الخدمة العامة والإصلاح الإداري والتي يبدو انها تقوم على تمكين سياسي جديد. ناهيك عن واجبات إصلاح سياسي كبير لقوانا السياسية نفسها والتي يجب ان لا يقودنا قصر الخيال الى كونها بأفضل حال ممن سبقوها في الاستئثار بالحكم والانفراد بالسلطة. لياتي تعاطيها مع ملف تحقيق السلام والعجز عن تحقيق متطلباته ليعيد للأذهان ذات دعاوي ومماطلات النظام السابق وتجربتنا التاريخية لما يمكن ان نسميه بانتفاضات النخب “الحضرية” والتي اتاحت فقط تبادل ذات النخب للسلطة في “لعبة” تبادل الأدوار والدوران في الحلقة المفرغة!
التحالفات السياسية عادة تقوم وفق مصالح عملية في السلطة لا يتم تحقيقها بشكل منفرد لذا تقوم وفق فهم يتم فيه التنازل من البعض عن طموحه المنفرد ومشاركتها مع الاخر وفق عملية براغماتية تضمن حصولهم معا على السلطة، ينعكس هذا على روية وبرامج اي من اطراف التحالف والتي يجب ان تكون مشتركة بالتالي يتم التوافق على حد ادنى من رؤى وافكار اَي طرف منفرد، لذا تسمى تحالفات الحد الأدنى وأيضا يكون التنازل عن مناصب في السلطة ويخضع هذا ايضا للطموح الأدنى لاي طرف في السلطة الذي يقبل به، في كلا الحالين انت لا تطبق كل افكارك ولا تحقق كل طموحك، وهو اشبه بممارسة صراع مباشر حول السلطة في الانظمة الديمقراطية البرلمانية والتي قد يكون الدافع لها الاول عدم انفراد اَي طرف بالأغلبية اللازمة للانفراد بالسلطة، او التحالفات التي تسبق عملية الانتخابات نفسها في الانتخابات البرلمانية والرئاسية (كفرنسا مثلا) وهي ممارسة واسعة في النقابات والاتحادات الطلابية أيضا، والتي يتم فيها الاتفاق ابتداءا على برنامج الحد الأدنى والتوافق على اقتسام السلطة. اصبحت هذه الممارسة ارسخ في تاريخنا عند مصارعة الانظمة الشمولية وقامت تحالفات اسقاط هذه الانظمة كصراع مباشر ايضا على السلطة وفق مفهوم الحد الأدنى وهذا الذي انتج ديمقراطيات هشة ولم يساعد في البناء المستقر للدولة الوطنية لعدم وجود مشروع وطني مشترك ورؤية متفق حولها للدولة. الدعوة لمنصة التاسيس لا تقوم على برنامج الحد الأدنى. وفق تصور جديد الان تدعوا اليه اطراف متعددة ( الحركة الشعبية بقيادة الحلو وتحالفها القائم في الكتلة التاريخية وحزب التحالف الوطني السوداني)، في الدعوة لتحالف الحد الأعلى والذي يتجاوز الصراع المباشر حول السلطة لمسالة أعمق حول شروط هذا الصراع وتعريف السلطة نفسها وتحديد الحقوق والواجبات المترتبة على ممارستها ويتجاوز المشروع هنا مجرد الأفكار التي تحكم بها الى القيم التي تحكم هذا الحكم وتحدد سلطاته ويكون المدخل لمبادئ كثيرة تتأسس عليها الدول الحديثة في إقرار مبدأ فصل السلطات واستقلالية اجهزة الدولة والمباديء الدستورية والفوق دستورية والقوانين التي تشكل الإطار القانوني لاي افكار لاي مجموعة للحكم.
في ورقة سابقة في ابريل ٢٠١٥ تحدثت عن الاحزاب السياسية والتغيير في السودان وقد كتبت منبها لاستحالة تحقيق اهداف كالحرية والعدالة ومخاطبة قضايا الحقوق وفق افق الحد الأدنى لأحزابنا السياسية فهذه تشكل الحدود الاساسية لقيام الدولة نفسها والرؤية الوطنية المشتركة وأسس عقدنا الاجتماعي الذي يحكم تواجدنا المشترك، وستطل مجددا ضرورة إنجاز تسوية تاريخية في السودان وفق واجبات اي مشروع وطني مستقبلا لتحقيق عملية الاجماع الوطني كشرط لازم لاي تعاقد اجتماعي يقوم على التراضي والالتزام بحكم القانون الذي يحفظ الحقوق والحريات والخروج من نهج الادانة كأساس للكسب السياسي للتاسيس لاستقامة المجتمع وطي حقب عنف الدولة الممنهج وفشلها الدامي.

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …