البشير وأعوانه في قفص الاتهام تحقيقاً للعدالة وانتصاراً للثورة
سليمان سري
– لأول مرة يمثل علي عثمان ونافع وغيرهم أمام المحكمة ويدخلوا قفص الاتهام صاغرين.
– سبدرات ربيب الديكتاتوريات..دافع عن مدبري انقلاب مايو واليوم عن انقلاب الانقاذ.
– أصطفاف أفراد الأمن بشكل متعمّد حول قفص الاتهام منع ظهور المتهمين.
– لماذا تجاهلت هيئة الدفاع التي تضم أكثر من 198محاميا يونس محمود ..؟!
في هذا اليوم التاريخي نترحم على روح الراحل المقيم المناضل الجسور مولانا الأستاذ/ علي محمود حسنين فهو اليوم كان الحاضر الغائب، وقد تحقق حلمه ورؤيته بمحاسبة ومحاكمة مجرمي النظام البائد وحشرهم خلف القضبان، فقد كان أول من دفع بدعوى قانوية ضد مدبري انقلاب الثلاثين من يونيو 1989م، مع رفيقيه كمال الجزولي ومولانا محمد الحافظ، وكانت رؤيته أن تبدأ المحاسبة من اليوم الأول للإنقلاب المشؤوم، بمحاكماتهم من أول يوم استلموا فيه السلطة وأقاموا نظامهم الفاسد والظالم ونصبوا المشانق لأبناء الشعب السوداني ونهبوا ثروات البلاد وباعوا اراضيه بثمن بخس لمن يرغب ومن لايرغب، ثم تبدأ المحاكمات الاخرى في جرائم القتل والفساد والفصل والتشريد وغيرها من الجرائم التي ارتكبوها في حق الشعب السوداني.
= اكتظت قاعة المحكمة بالحضور لعدد كبير من ضباط من الشرطة والأمن وبعض المدنين من أسر المتهمين والصحفيين، وعدد قليل من المحاميين، لم يتمكن زملاؤهم من دخول القاعة حيث أعلن رئيس هيئة الدفاع عبدالباسط سبدرات أن الهيئة تضم حوالي 198 محامياً عن المخلوع وأعوانه، مما اضطر القاضي الي الاعلان عن تدابير أخرى في الجلسات القادمة رغم كبر القاعة الا انها لم تتسع لتضم كل الحضور.كما لم تلتزم المحكمة بالمعايير الصحية والوقائية التي فرضتها منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة السودانية، وهو ما نبه له محامي الدفاع بارود صندل الذي سجل اعتراضاً أوليا قبل بدء الجلسة الاجرائية.
= بدأت الجلسة الإجرائية الثلاثاء برئاسة القاضي عصام الدين محمد ابراهيم قاضي المحكمة العليا، لمحاكمة الرئيس المخلوع و27 من أعوانه من العسكريين والمدنيين، بتدبير انقلاب الثلاثين من يونيو 1989، على نظام شرعي وحكومة منتخبة، ومثل كل المرات السابقة تنعقد المحاكمة وسط اجراءات أمنية مشددة.لكنها بمثلما لم تلزم بالعايير الصحية فإنها لم تتبع الاجراءات المعروفة والقواعد الصحيحة المتبعة في المحاكم، بالتأكد من حضور المتهمين البالغ عددهم (28)، وما اذاكان من بينهم من تغيب أو لم يحضر لسبب صحي أو لم يتم إعلانه، فلم يذيع القاضي أسماء المتهمين في جلسة منقولة على الهواء مباشرة فكان يجب أن ينادي عليهم فردا فرد، ويقف كل منهم يؤكد حضوره احتراماً للمحكمة والقاضي، وحتى يتمكن المصورون من تصويرهم داخل قفص الاتهام، كما لم نشاهدهم من خلال شاشة التلفاز ولااظن من كانوا في جلسة المحاكمة استطاعوا رؤيتهم، لوقوف طاقم الحراسة صفاً واحداً، بشكل متعمّد، لعمل ستار يمنع ظهورهم للحاضرين، حتى لايظهروا صاغرين ومهزومين دخل قفص الاتهام وحتى لاتنتشر صورهم في الوسائط على نطاق واسع لتكون مدعى للسخرية والتهكم، وقد نجحوا في ذلك لأن كل الصور المتداولة التقطت لهم خارج أسوار المحكمة قبل وبعد الجلسة، فكيف تجري جلسات محاكمة علنية والمتهمين غير ظاهرين للحضور وربما للقاضي نفسه.. فما الفائدة من نقل الجلسة على الهواء مباشرة عبر وسائل الاعلام ولايتم اعلان اسماء المتهمين من قبل المحكمة الحضور والغياب؟؟
وقد كان بالفعل هنالك غياب لستة متهمين لم يتم ذكر أسمائهم وبحسب الالتماس الذي قدمه ممثل الاتهام رئيس النيابة مولانا سيف اليزل سري، الذي أكد هروب ثلاثة منهم خارج البلاد والآخرين يخفون أنفسهم للحيلولة دون المثول أمام المحكمة، رغم إعلانهم بالنشر وفشلت محاولات القبض عليهم، وطلب من القاضي أن تتم محاكمتهم غيابياً بموجب المادة (134)من قانون الاجراءات الجنائية، باعتبارهم متهمين في قضايا تصل عقوبتها الإعدام، إلا أن المحكمة رفضت الطلب ووجهت باعلانهم بالنشر في الجلسة القادمة وتحفظت على ذكر أسمائهم.
= مثول المخلوع البشير بزي السجن و27 من أعوانه في قفص الاتهام صاغرين ومهزومين أمام محكمة، تتوفر فيها كل شروط العدالة، يمثل انتصاراً للثورة السودانية وتحقيق مادئ العدالة، بمنحهم بحقوقهم بالمثول أمام المحكمة في حضور محامييهم إضافة إلى تمتعهم بحقوقهم كاملة داخل السجن المتمثلة في العلاج والصحة والخدمات الأخرى، من انترنت وشاشات تلفاز، مع المعاملة الكريمة واللائقة، وتوفرت لهم كل سبل الراحة التي بدت واضحة في مظهرهم، إضافة إلى ذلك سمحت لهم المحكمة بمقابلة ذويهم ومحامييهم، كل هذه الحقوق التي حصلوا عليها حرموا معارضيهم منها، على العكس من ذلك شكلوا لهم محاكم صورية وايجازية، مثل شهداء 28 رمضان وهنالك من تمت تصفيتهم دون أي محاكمة، وآخرين وصلوا المحكمة وهم في حالة إعياء وانهاك جراء التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له.
= ظهر وزير العدل الأسبق عبدالباسط سبدرات “آسمى رديف للانقلابات العسكرية وربيب الانظمة الشمولية” في صورة باهتة تعكس شخصيته، وكأن التاريخ يعيد نفسه “رجعنالك” فبعد خمسة وثلاثين عاماً من مرافعته عن مدبري انقلاب مايو 1969، يقف اليوم مدافعاً عن انقلاب الرئيس المخلوع واعوانه، وقتها اشيع عنه أنه قبض اتعاباً خرافية مع شريكه عبدالعزيز شدو، تصل حوالي(500) ألف جنيه لكل منهما، ترى ما الثمن الذي سيقبضه اليوم فالاتعاب من أموال الشعب السوداني وليست من أموال البشير ولا أعوانه.
سبدرات القيادي بالمؤتمر الوطني المحلول هو نفسه يجب أن يحاكم كوزير تربية وتعليم خطط وساهم في تدمير وانهيار المنظومة التعليمية.وكذلك كوزير عدل على فترتين لم يطبق العدل يوماً واحداً بل ساهم في حماية المجرمين، وحرم آلاف من الفقراء والمظلومين والضحايا في حقهم من الوصول إلى العدالة. وتنازل طوعاً عن سلطاته لجهاز الأمن الذي ارتكب أبشع جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في عهده، فهو مطلوب ويجب محاكمته، مثله زميله في هيئة الدفاع المجرم محمد الحسن الأمين الذي باع جماعته حين كان في المؤتمر الشعبي، بحجة انقاذ البلاد من محاولة تخريبية حفاظاً على أمن وسلامة الوطن والمواطن، وكأننا كنا نعيش في أمن وأمان من قبل، فاستثمر الحدث وقبض الثمن بمناصب دستورية ليعود للسلطة التي فقدها بعد انضمامه للشعبي، وهو المسؤول عن تدمير الهيئة العام لسكك حديد السودان، وتشريد أكثر من 4 آلاف عامل وموظف في ليلة واحدة بجرة قلم في ثاني ايام الإنقلاب المشؤوم.
= رفض المتهمان العميد عثمان احمد حسن والعميد فيصل ابوصالح تكليف أي محامٍ للدفاع عنهما،أي أنهما سيترافعان بأنفسهما وقد وافق القاضي على طلبيهما، وهما الأثينن اتخذا موقفاً مشابهاً بتنحيهما عن مجلس قيادة الثورة بتقديم استقالتيهما، بسبب الخلافات التي دبت مع بدايات سنوات النظام البائد مع حلفاؤهم المدنيين في الحركة الاسلامية والسلطة.
متوقع أن يفجر الاثنين أسرار ربما تروى لأول مرة ومعلومات داوية جديدة بعد هذا الصمت المريب الذي استمر ثلاثون عاماً ابتعدا فيها عن الاضواء. ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي سيتحدثان فيها عن مشاركتهما في الانقلاب مع ذكر تفاصيل آخرى تفيد القضية والشعب السوداني وتعري الاسلاميين، فهما كانا من الغاضبين على النظام.
= اللواء طيار فيصل مدني مختار لم يجد من يترافع عنه من بين 199 محامٍ الذين تصدوا للدفاع عن البشير واعوانه، وقد طلب احضار محامٍ في الجلسة القادمة وقد وافقت المحكمة على طلبه، وربما يكون قريبا من زميليه عثمان احمد حسن وفيصل ابوصالح يتخذ موقفهما.
= أما المتهم يونس محمود فقد كان موقفه محيراً ولم يفهمه أحد فعندما سئل إن كان لديه محامٍ أما لا أجاب بلا، لكنه لم يوضح إن كان سيستدعي محامياً في الجلسة القادمة كما لم يعلن موقفا مماثلاً لزميليه عثمان أحمد حسن وفيصل ابو صالح، بأنه سيتولى الدفاع عن نفسه، ولم يطلب من المحكمة أن توفر له محامٍ عبر وحدة العون القانوني بوزارة العدل، والحقيقة لم يعرض القاضي هذا الأمر عليه أو على الآخرين، تجاهل يونس محمود من قبل هيئة الدفاع التي تضم العشرات من المحاميين لسوء تنسيق أم تجاهل متعمّد وعدم وفاء وتنكر لروح الزمالة، وكأنهم لايمثلون جهة واحدة.
= رفضت المحكمة طلباً لممثل الدفاع بارود صندل عن المتهمين علي الحاج الأمين العام للمؤتمر الشعبي وابراهيم السنوسي، بالافراج عنهما نظراً لظروفهما الصحية ومراعاة لكبر سنهما الذي تجاوز الثمانين،مع الالتزام باحضارهما في الجلسات.
= هنالك حالة ارتياح عامة لمثول المخلوع وأعوانه أمام القضاء ليقول كلمته في محكمة تلتزم بتطبيق القانون معايير العدالة، غير مسيسة كما قال القاضي في خطبة مقتضبة بدأ بها الجلسة بأنه لاتوجد جهة تملي عليها قراراتها.
رفعت الجلسة
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …