خالد حديد .. زهد الثوار
جعفر خضر
الأستاذ خالد عبد الله عثمان (خالد حديد) أستاذ التاريخ بالمدارس الثانوية بولاية القضارف لسنوات طويلة، أحد الشخصيات التي سعدت بمعرفتها وزاملتها في العمل الثقافي.
وهو أحد أعضاء منتدى شروق القدامى وعضو اللجنة التنفيذية لدورات عديدة وسكرتير شئون العضوية للدورة الحالية (الدورة١٣) والتي انقضى أجلها، وننتظر جمعيتها العمومية التي تأخرت. وهو أحد الفاعلين في المنتدى الذين وضعوا بصمة واضحة بالعمل الجاد والإخلاص للعمل الطوعي، وأحد المسئولين عن مشروع رجال ضد العنف ضد النساء في سابق السنوات.
وفي ذات الوقت نجد أن خالد أحد المناضلين ضد نظام الإنقاذ، دونما ضوضاء، فعلى سبيل المثال كان أحد المشاركين في وقفة شروق الاحتجاجية في ٢٠١٤ ضد تسلط النظام وتضييقه على العمل الثقافي، وكان وقتها عدد منسوبي الأجهزة الأمنية المحيطين بالوقفة أضعاف المشاركين فيها، إذ أن قبضة النظام الأمنية كانت تشتد في أعقاب مجزرة هبة سبتمبر ٢٠١٣.
لقد تم تصعيد خالد ممثلا لمنتدى شروق في تجمع القوى المدنية، ومن ثم تسميته ممثلا للقوى المدنية في تنسيقية الحرية والتغيبر، التي اختارته منسقا عاما للجان الخدمات بالقضارف. وتم تخصيص مكتب للجنة بالبلدية وتوفير سيارة للمنسق.
لكن خالد رفض تخصيص السيارة له وقال أنه سيكتفي بموتر فقط. إذ أنه لا يعرف قيادة السيارات، مثله ومثل أغلبية غمار الناس. وبالرغم من إمكانية أن يتعلم، أو بالأحرى إمكانية أن توفر له الحكومة سائقا ولا تحوجه للقيادة. لكن خالد اكتفى بما رأى أنه يكفي للمهمة الموكلة له.
ربما تكون السيارة مهمة للعمل وغيابها يؤثر سلبا، لكن الشاهد هنا أن موقف خالد يعني أنه ثائر حقيقي يحرص على تأدية العمل وإنجازه بما يكفي لإنجازه، وليس على الامتيازات الشخصية والأبهة، ولا تثريب عليه إن استلم العربة متى رأى ضرورتها.
لعل المدير التنفيذي لبلدية القضارف يعي الدرس وهو في أيامه الأخيرة، لكن الأهم أن نعي ذلك نحن الذين نرى أنفسنا جزءا من الثورة، ويعي ذلك المتكالبين على الوالي المدني الآن من بعض منسوبي قوى الحرية والتغيير للحصول على منصب ما، وأولئك الذين ينفقون الأيام والليالي تخطيطا للحصول على نصيبهم من “الكيكة”، وزارات محتملة كانت أو وظائف متوقعة.. هؤلاء الذين يشكل تكالبهم هذا إساءة مباشرة للثورة والقوى الثورية.
إن اعتماد أسلوب اختيار الأشخاص للوظيفة العامة بمعايير النزاهة والكفاءة والانحياز للثورة، بعيدا عن المحاصصات، بالاستفادة من تجربة اختيار الوالي المدني، هو الطريق لتضييق السبيل على الانتهازيين، الذين لا يقل خطرهم على الثورة من خطر الكيزان. أو في حقيقة الأمر هم كيزان يرتدون زيا تنكريا ثوريا.
إن الثوري الحقيقي في هذه المرحلة هو الذي يتقبل (لا يتكالب) الوظيفة العامة ليعلي من شأن الوطن والمصلحة العامة ويقلل من حظوظ النفس. وهذه المرحلة نفسها سوف تصبح ذكرى بعد حين فلنترك أثرا مفيدا يبقى للأجيال.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …