‫الرئيسية‬ رأي هل اللغة محايدة؟
رأي - أغسطس 14, 2020

هل اللغة محايدة؟

الهام عبد الخالق

بمناسبة تأنيث اللغة وتحديدا تأنيث اسماء الوظائف … اطرح هذا السؤال هل اللغة محايدة ؟؟
يظل هذا السؤال يطرح للنقاش مراراً وتكرارًا في كل زمان ومكان وتأتي الاجابة عليه متلبسة ملتبسة . فبين من يظنون ان اللغة محايدة ولا تنحاز لأنثي او ذكر او طبقة او عرق يوجد من يعتقدون ان اللغة هي مجرد وسيلة تخاطب ابتدعها الانسان للتواصل واكتسبت ملامحها مع مرور الزمان هي تأثر وتتأثر ولكنها لا تحمل حمولة ايدولوجية ما. وانا متاكدة ان هناك طيف من التعريفات او الاجابات الاخري ولكني اريد تفنيد هاتين الاجابتين تحديد.
في خضم الاجتهادات الغير مسنودة ببحث او منهج يتعامل الكثيرون مع اللغة كمنتج انساني تم انتاجه في فراغ اي غير متأثر بالوضع السائد في الفترة المحددة تاريخيا وهذا افتراض مغرق في الخطأ . فاللغة لا تنتج في فراغ بل هي منتوج الانسان في تفاعله اليومي بل اللحظي مع الواقع في كل تمظهراته وتجلياته الاجتماعية ، الثقافية ، السياسية ، الدينية … الخ . ان اوضح مثال علي ان اللغة تعكس ثقافة المجموعة المهيمنة او المسيطرة في اللحظة التاريخية المحددة هو انتشار وسيطرة اللغة الانجليزية كلغة اولي في العالم اليوم. ان سيطرة لغة محددة بمفراداتها هو انعكاس للقوة المهيمنة .والتي قديما كانت تفرض بقوة السلاح اي الغزو العسكري ” ومازال هذا يحدث ضمنياً” اما في عالم اليوم فالهيمنة هي هيمنة اقتصادية ومن ثم هيمنة موارد واقصي تجلياتها الهيمنة علي الاعلام.
فيما يتعلق بتأنيث اللغة العربية اقتطف هنا بعضا من كتاب دوائر الخوف قرأة في خطاب المرأة لنصر حامد ابوزيد. فقد كتب “ان للخطاب العربي جذوره في بنية اللغة العربية ذاتها، من حيث هي لغة تصر علي التفرقة بين الإسم العربي والاسم الاعجمي بعلامة يطلق عليها في علم اللغة ((التنوين)) أو التصريف)) وهي نون صوتية تلحق اخر الاسماء العربية علي مستوي النطق لا علي مستوي الكتابة” فيقال مثلا محمدٌ، عليٌ وهكذا.يسترسل نصر حامد ابو زيد في شرح ان هذا التنوين ممنوع علي الاسماء الغير عربية اي الاعجمية. وبذلك تعطي اللغة قيمة ممهورة بالتفوق لكل ماهو عربي وتمنع ذلك عن كل ماهو غير عربي . بل حتي ان اسم ” اعجمي ” هو بالاساس يعني الذي لا يقدر علي النطق بالعربية ويذكر في اللغة ان ” عجماوات” هي صفة تطلق علي الحيوانات لعدم قدرتها علي النطق . يقابل هذا التمييز تمييزا اخر بين المذكر والمؤنث يجعل من الاخير مساوياً للاسم الاعجمي في طبقية او تراتبية اللغة.كما ذكر نصر حامد ابو زيد ” فبالاضافة (( لتاء التأنيث )) التي تميز بين المذكر والمؤنث علي مستوي البنية الصرفية ، يمنع التنوين عن اسم العلم المؤنث كما يمنع عن اسم العلم الأعجمي سواء بسواء” بشرحه لهذا التمييز وضح نصر حامد ابو زيد تساوي الانثي من نفس الجنس مع الاعجمي الذي يعتبر اقل مرتبةً من الاعرابي القح. وهنا انبه لمفهوم اساسي لطالما كتبت عنه وهو ان جوهر التمييز واحد من يميز ضد شخص علي اساس العرق او النوع او الطبقة يمارس نفس هذا التمييز ضد المرأة مما يؤكد ان المجموعة المسيطرة تعني هنا بفرض السيطرة والقوة علي الشريحة المغايرة الاخري.
هل يقتصر التمييز علي اللغة العربية وحدها؟
الاجابة قطعا لا.
بدأ تحدي مسلمات اللغة الانجليزية في الغرب من قبل النسويات في حوالي ستينات وسبعينات القرن الماضي ” ان التركيبات اللغوية في حد ذاتها تعكس احوال النساء. فنحن حتي لا نمتلك اسماءنا بل نحمل أسماء اباءنا الي نغيرها لاسماء ازواجنا ” ما بين الاقواس مقتطف من روبين مورغان، وتشير هنا لتسمية ألانسات و السيدات باسماء الاباء ومن ثم الازواج علي التوالي في الثقافة الغربية. وهي هنا تؤكد علي ان الوضع الاجتماعي يملي علي اللغة صياغاتها ومفرداتها .في هذه الحالة هو الغاء تام لأسم الانثي والاستعاضة عنه ب مس او مسز وفي هذا تجلي لوضعية قهر لا يمكن تجاهلها. ألا ان الحوار في بعض مجتمعات الغرب وعبر نضال النسويات تطور تطورا ملحوظأ ليتحدي المسلمات وينفذ عميقا ليضرب بنية الوعي المهيمن فكما ذكر نصر حامد ابو زيد ” ففي بعض المجتمعات المعاصرة المتحدثة بالانجليزية … ثمة وعي متزايد بأيديولوجية اللغة وبخطورة الخضوع لها” لذا لم تفتأ المحاولات لتأنيث أسماء الوظائف مستمرة فمثلا

Chairman
يطلق عليها
Chairwoman or Chairperson
اذا كانت شاغلتها انثي، أو
Spokesman
الان تسمي
Spokeswoman
فهل يأتي وقت علينا حتي نمتلك الوعي الكافي لنقد ايدولوجية وهيمنة اللغةالعربية ونبدا بأنسنة وتأنيث اللغة.

فلنبدأ بتأنيث الوظائف التي تشغلها السيدات هنا في الوطن اولا والان ..مثل … والية نهر النيل او النقيبة سيادة الوزيرة او الرائدة .. الخ . مع العلم ان كلمة ” والي ” نفسها بها حمولة دينية غاية التعقيد ليس هذا مجال الحديث عنها . التحية لحاكمة نهر النيل وحاكمة الولاية الشمالية . وقداااام

‫شاهد أيضًا‬

مع السلامة

الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …