تحقيق : فتحي البحيري :

بين ماضوية المستشارين وبوصلة الثورة … كيف سيخرج رئيس الوزراء من مأزق القراي ؟؟؟
يوسف علي : وجود الجنجويد مثير للجدل أكثر بكثير من المناهج فلماذا لم يقم بحلها أو تجميدها ا؟؟
إلهام عبد الخالق : القرار يؤكد أن الانقاذ لا زالت تحكم
دكتورهشام عمر النور : القراي لم يتدخل في عمل لجنة المناهج قط

1
الرفض الواسع والمتنامي لقرار حمدوك تجميد المناهج والذي دفع بالقراي إلى تقديم استقالته لم تطفئه التبريرات المتتالية من السليك وعلى بخيت وغيرهم بل زادته ضراما واشتعالا لدرجة أن طيفا لا يستهان به من المثقفين بات “يضيف” حمدوك بكل سهولة إلى فلول النظام المباد. يقول الاستاذ يوسف علي : اثبتت كل المؤشرات والدلائل بان حمدوك يقوم بترقيع النظام السابق اكثر ما يقوم بتغييره لانه منذ ان تولي رئاسة مجلس الوزراء لم يقف يوما واحدا في صف الثورة ولم يترحم علي شهدائها الذين اتوا به لهذا المنصب بل ان قراراته القليلة التي يظهر فيها للاعلام لا تصب في خانتها بل يقوم بالغائه والدليل رفضه قرارت اللجنه الاقتصادية للحرية والتغيير واليوم اصداره بتجميد العمل بالمناهج الجديدة هو اخر مسمار في نعش الثورة وهو يعتبر المناهج مثيرة للجدل ولم تحصل علي توافق من كل المجتمع والسؤال الذي يطرح نفسه ان وجود مليشيات الجنجويد ايضا مثيرة للجدل ولم يكون هناك توافق حولها لماذا لم تقم بتجميدها او حلها. ؟
ويذهب القيادي المدني المثقف ابراهيم شمس الدين إلى أكثر من ذلك ويقول أن تجميد المنهج الجديد انتصار داو للثورة المضادة واللجنة الأمنية للبشير..وأنه بداية للارتداد عن ثورة ديسمبر كما حدث من قبل لثورة أكتوبر وانتفاضة أبريل
ويحاول الاستاذ محمد سعيد حلفاوي أن يغوص في الحدث مفسرا ومحللا فيقول : ينبغي أن نعود إلى تصريح حمدوك نفسه بالولايات المتحدة في سبتمبر 2019 عندما خاطب الجالية السودانية قائلا إن الثورة ليست جذرية بل هي انتهت إلى تسوية وأعقب تصريحه مؤتمر شاتام هاوس برعاية بريطانية في نوفمبر 2019 جمع من اليسار الى اليمين بمن فيهم قيادات اسلامية ورجال اعمال ومسؤليين في السلطة الانتقالية.
ويمضي حلفاوي بالقول إلى أن هذه الأمور أو الأحداث لم تأت فجأة بل إن اختيار حمدوك نفسه جاء لهذه المهمة لأن المجتمع الدولي يريد تسوية حتى النهاية وتصميم نظام هجين في نهاية المطاف بين الإدارات الأهلية والعسكر ورجال الأعمال وبقايا اليسار وعقلاء اليمين وإذا كنت تبحث عن ثورة جذرية لا تأمل ذلك.
ويقطع محمد سعيد حلفاوي أن اجتماع حمدوك مع الجماعات السلفية والإسلامية والطرق الصوفية جاء في إطار حماية المهام الموكلة لأن هذه الأطراف ضاقت ذرعا بالقراي وثوريته التي تقطع مع القديم وتبتره وهو ما ادخل حمدوك وطاقمه في حرج. لكن التحدي الأكبر هو كيف سيتعامل حمدوك مع مطلب الحلو حول العلمانية وهو صرح مرارا أن التفاوض بلا سقوف فإذا كانت هذه الجماعات اجبرته على التراجع في المنهج كيف سيتعامل معها في العلمانية ومعركتها ومن أين له بالمساندة طالما خسر من وقفوا إلى جانبه منذ تعيينه رئيسا للوزراء وغفروا له أخطاء فادحة.

2
الدكتور معتصم اقرع يقول عن الثورة، أي ثورة، أنها لا تساوم وحكومتها لا تكذب، واذا كنت تريد ان تمرر قرار التطبيع مع اسرائيل تحت غطاء آني بتجميد المناهج، فهذه نفسها ممارسة تشبه ما كان يتم في العهد البائد وما ثار الناس من أجله، خرج السودانيون من أجل ايجاد آليات جديدة تسوس الناس للخير وبالمكاشفة والوضوح، لا سياسة اللعبة القذرة (و) حمدوك والاغبياء المعاهو ما قادرين يفهموا انو ليه الكيزان ديل كانوا بقتلوا في الشعب السوداني وليه كان بتم التعذيب والسرقة دون أدني وازع وغض جفن، ما لانهم ناس ما سوين بس ، لكن لانهم كانوا مسنودين بوعي زائف ونصوص دينية مفهومة غلط وبتديهم الحق بالقيام بالفعل دا.
ويشدد أقرع على أن أولى مهام الثورة هي هزيمة هذا الخطاب وفي السياق دا كان بتم انزال ائمة المنابر الكذابين أيام الحراك وكان من المتوقع ان تواصل حكومة الثورة! عملية الاقتلاع من الجذور عبر تغيير المناهج والإعلام وبث خطاب جديد يؤكد على سماحة الاديان لا الانجرار في نفس نفق الخلاصات القديمة.
على الضفة الأخرى من الصراع رأت هيئة شئون الأنصار أن القرارجاء بردا وسلاما على غالبية الشعب السوداني ووأد الفتنة في مهدها.وقالت أنها كانت قد طالبت في مايو 2020م بإيقاف الإجراءات التي يسير عليها رئيس المركز القومي للمناهج وذلك لافتقارها لأبسط معايير تعديل المناهج، ثم ألحقت ذلك بخطبتين من خطب الجمعة مع مشاركتها في صياغة المذكرات الصادرة من مجمع الفقه الإسلامي في هذا الخصوص على حد تعبير بيان الهيئة الداعم للقرار. إلا أن الناشط والمناضل هشام هباني يعتقد أن رئيس وزراء الثورة الذي يرضخ لمزايدات واجندات ذات تجار الدين الذين ينتمون للوضع الذي قامت ضده الثورة وفي قضية متاجرة مكشوفة باسم الدين يقع في انهزام مخجل لا يعبرعن روح الثورة ومن استشهدوا لاجلها ضد ذات القوى المتاجرة بالدين و التى رضخ لها رئيس وزراء لم يعبر بموقفه عن الثورة بل عن ضميره الذي لم يتشرب بعد بالثورة.
3
الكاتب الصحفي وائل محجوب نظر إلى المسألة بصورة كلية حينما قال أن ضعف وفقر الخيال السياسي، وانعدام خبرة التعامل مع جهاز الدولة إحتكاما لإجراءاته وقواعده هي سمة هذه المرحلة، وهي تتجسد في قرار رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك وفي أسلوب وطريقة عمل د. عمر القراي.
ويتساءل وائل : ما هي حوجة رئيس الوزراء لإصدار قرار يتعلق بوزارة من وزارات حكومته في وجود وزيرها، ولماذا اختار هذا التوقيت لإصدار قرار تجميد العمل في المناهج الدراسية، بينما كان بمقدوره استدعاء الوزير المختص وإبلاغه بوجهة نظره وقراره ليصدر من الجهة المعنية، ولماذا اختار هذا التوقيت الذي يدل على عدم الدراية، علما بأن لديه واحدة من الإنجازات السياسية الكبيرة، متمثلة في الاتفاق مع وزير الخزانة الامريكية، والتي بموجبها سيتم سداد ديون السودان للبنك الدولي، وسيكون بمقدور البلاد الحصول على مليار ونصف دولار سنويا والإستفادة من القروض الخارجية، وهي تفتح الباب لفك الإختناق الإقتصادي وتمهد للبلاد الإستفادة وللمرة الأولى من الدعم الإقتصادي والفني الذي حرمت منه لثلاثة عقود من الزمان فأورثها الانهيار في كافة المجالات.
ويندهش الاستاذ وائل محجوب : من هو العبقري الذي فكر في إصدار هذا القرار المعيب إداريا، والذي يصادم به رئيس الوزراء حكومته، ويقلل من قيمة وزيره ولا يوفر الحماية المطلوبة له والعاملين معه، في مواجهة موجة الغلو والتطرف.
ويخلص إلى أن هذا القرار ما كان له أن يصدر وفق أي قاعدة من قواعد جهاز الدولة، إذ أنه يعني ببساطة أن رئيس الوزراء اختطف قرار الوزير المختص مع وجوده في موقعه، ويعني كذلك أن هناك من يفكر بطريقة خاطئة وتخلو من الإلمام بأهم قواعد إدارة الدولة كان وراء ذلك القرار.
إحدى المشاركات في مؤتمر المناهج (بثينة تروس) تتحسر على التخبط ونقض الغزل التربوي أنكاثا وتقول : حين جمد رئيس الوزراء مشروع تغيير المناهج ببيانه المتراجع عن ثورة ديسمبر كنا في قاعة المؤتمر الاول لمناهج المرحلتين المتوسطة والثانوية حيث البروفسير العالم محمد الامين التوم وزير التربية التعليم يجلس بصبر العارفين وتواضع الانبياء وابتسامة اهل السودان يستمع للحضور ولمداخلات معلمين دارفور وكبكابية وسنار وكسلا عبر الزووم

4
الدلالة الأكبرعلى أن قرار تجميد المناهج لم يكن موقفا البتة تظهر في انصدام أشخاص مثل الأديب والأكاديمي المعتدل الدكتور بشرى الفاضل الذي كتب مصدوما : ‏ما الذي جرى؟ كيف نستوعب بيان مجلس الوزراء بشأن تجميد قرارات المناهج والمقررات وقد قام بها تربويون مختصون؟ هل الهدف من قرار مكتب إعلام رئيس الوزراء بالتجميد أن يستقيل الوزير بروفيسور محمد الأمين ود.القراي؟ ننتظر توضيحا من دكتور حمدوك. لا نصدق أن هذا القرار صادر عنه.
المعلمة والمطربة إلهام عبد الخالق تقول أنه للاسف الشديد التقط بعض من هم في صف الثورة الطُعم الذي القت به الثورة المضادة ممثلا في هلوسة المهووس دينيا ابوبكر قلة الاداب وانبروا لنقد منهج الجغرافيا والتاريخ للصف السادس كأن القضية الاساسية الان هي منهج الصف السادس
وتضيف : قرار حمدوك بالغاء المناهج الجديدة استجابة لرغبة علماء الانقاذ الذين حللوا اهراق دم المواطن السوداني يؤكد ان الانقاذ مازالت تحكم وان الهبوط الناعم اخذ ملامحه النهائية.. ورغم سوء المنقلب الا أنه احكم فرز الكيمان
الأكاديمي الدكتور هشام عمر النور يؤكد أن القراى لم يتدخل في عمل اللجان الفنية قط ويقول : بالمناسبة أنا جزء من لجنة المناهج.. وبنضع منهج لتدريس الفلسفة بمرحلة الثانوي.. وهي أفضل مدخل لنقل الطلاب من الحفظ والتلقين إلى المساءلة والتفكير النقدي.. ما يقوم به القراي عمل ضخم وعظيم.. وسينتهي الأمر إلى تعليم أجيال قبول الاختلاف واحترامه وإلاعتراف به والتعامل معه.. وسينشأ جيل قادر على التفكير النقدي.. لا على ترديد المحفوظات والمنقولات..القراي لم يتدخل في عملنا قط.. ولذلك أي كلام عن أنه يريد نشر معتقداته غير صحيح.. انتهينا من كتاب سنة أولى ولم يعدل فيه حرف واحد.. والآن ومعي آخرين نعد أنفسنا لكتابة الكتاب الثاني والثالث.

5
ولا يزال الرفض صاعدا ومتناميا وانضم الى الرافضين جهات اعتبارية لها وزنها؛ الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو، لجنة المعلمين السودانيين، حركة حق، حزب المؤتمر السوداني، ولا يغيب عن الأذهان تصريح مني أركو مناوي المنصف العزيز، وتأتي كتابة مولانا اسماعيل التاج بمثابة القشة التي قصمت بعير تماسك الجهات التي يمكن أن تصمد مدافعة عن هذا القرار المفخخ بكل المقاييس
ويبقى السؤال الأهم : لماذا وكيف حدث هذا القرار؟ من المؤكد أن الجهات التي “قيل” أن حمدوك اجتمع معها وأصدر قراره على ضوء اجتماعه بها أضعف حجة وشوكة من أن تميل عقل رئيس الوزراء ولا أي من رجال مكتبه أو تملي عليهم ما تريد؟ ومن المؤكد أن هناك مستفيد أكبر من هذه الجهات من الرصاص الذي تم إطلاقه تحت أقدام حمدوك وهو المكون العسكري الذي يملك الشوكة والرجال والدافع لصرف الغضب الشعبي عنه ولو إلى حين .. ويلد السؤال أسئلة والأسئلة أسئلة أخرى : كيف يمكن أن يصل هذا المكون إلى تحقيق ما يريده داخل مكتب حمدوك أو على لسانه وباسمه ؟

الجريدة

‫شاهد أيضًا‬

مقاطعة امتحانات جهاز الأمن بجامعة الخرطوم 1992 … الطريق إلى رد اعتبار الجامعة !

عبد الفتاح الحبيب : أرغم طلاب جامعة الخرطوم في 1992 على أداء الامتحانات تحت تهديد السلاح ا…