حديث الانقلاب: هل ينقلب العسكر علي أنفسهم؟
د. معتصم اقرع :
كان احساسي في الفترة السابقة وما ظل أن انقلاب عسكري غير وارد الان الجيش لن يستطيع ان يحكم وحيدا. نظرة بسيطة للتاريخ ان كل الانقلابات السابقة دبرتها أحزاب.
فانقلاب مايو دبرت له أحزاب اليسار – القوميين العرب وشريحة من الشيوعيين – وانقلاب الإنقاذ دبرت له الجبهة الإسلامية ونفذ جله مدنيون منها. أما انقلاب عبود فقد كان تسليم وتسلم بين المدنيين والعسكر.
ولكن اهم مما ذكر أعلاه ان الجيش حاليا لا يستطيع ان يحكم بدون واجهة مدنية تحميه كدرقة من غضب الشارع المدني وتوفر له غطاء دبلوماسي يوفر له قبول خارجي ويحميه من مقاطعة المنظمات الإقليمية والرأي العام العالمي.
إذا الوضع الراهن يوفر للعسكر أقصى أمانيهم فهم يحكمون في المفلات الأهم مثل السياسة الخارجية والتحالفات الإقليمية والسلام ويحتفظون بشركاتهم ومالهم في حين يحصل الشق المدني علي فتات السلطة ويكون مسؤولا عن توفير الخبز والدواء والمحروقات ويتحمل مسبة الفشل ثم لا يكون علي العسكر حرج.
فلماذا ينقلب العسكر علي حكمهم تحت صيغة لم تخطر علي بالهم ولا في احلامهم الندية؟
كنت أتوقع ان حضور الجبهة الثورية للخرطوم يوفر للعسكر خيار غير قحت وكرت يمكن استخدامه عند اللزوم. اعني بذلك ان العسكر من ضمن خياراتهم تكوين حكومة مع الجبهة الثورية تستثني قحت أو تهميشها كتابع اشد زلة لأنه يمكن تسويق مثل هذه الحكومة في الخارج والهامش علي انها حكومة سلام ووحدة وطنية ويمكن الادعاء بان الجبهة الثورية هي مجموعة من المدنيين تمردوا ثم عادوا لمدنيتهم.
ولكن في أسابيع اثبتت الجبهة الثورية انها مجموعة أراجيز همبولية تدعو لرثاء اشد حزنا من نصاب أهل قحت, لذلك فان هذا الخيار تضاءل قبل ان يشب عن طوق.
من المهم أيضا ان كل الانقلابات السابقة أتت ضد حكومات مدنية ولم ينجح انقلاب واحد ضد حكومة عسكرية , عليه فإنه من المستبعد ان يقوم شق اخر من أهل الجيش بشن انقلاب ضد قادتهم الحاليين في سدة الحكم.
بمعني اخر ان ما يحدث الان هو انقلاب كامل علي الثورة وهذا يعني ان انقلاب علي الانقلاب يبدو اقل احتمالا كما يقول التاريخ.
عليه فانه من المرجح ان تستمر صيغة الشراكة الحالية الِي ان يفرض الشارع واقعا جديدا يحتم نوعا من التغيير في شكة السلطة حتى ينقذ الصفوة رقابهم للمرة الثانية.
أقول قولي هذا ولكن اختم بان كل شيء جائز في السودان, بما في ذلك انقلاب أحمق, لا سيما ان الصفوة العسكرية, كنظيرتها المدنية, لا تعي مصالحها وهي قادرة علي ان تكون عدو نفسها.
اضف الِي ذلك ان الحزاقة السياسية التي أظهرتها الصفوة العسكرية ليست من رأسها وإنما من كراس خبراء ومستشارين من خلف الكواليس منهم أجانب ومنهم سودانيين محتكين بالخارج.
ومن الممكن ان يقرر خارج مهيمن ان أوان الانقلاب قد حان ولكن ذلك لا يلوح في افق قريب رغم انه يظل احتمالا لا يستهان به في المدي المتوسط.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …