اعتصام الجنينة بين التجمع العربي و مليشيات الدعم السريع
ايمان سيف الدين :
بعد أن تفرغ الجنجويد من قتل مئات الأرواح الطاهرة في مجزرة كريندينج للمرة الثالثة،حيث تم قتل اكثر من ١٩٠ نازح وتم تهجير أكثر من٢٥٠ الف مواطن إلى دولة تشاد. كانتالمعارك الضارية التي أنخرط فيها مليشيات بعض القبائل العربية التي مولها و سلحهاالمخلوع عمر البشير الذي سن لها قانوناً أجازه برلمان المؤتمر الوطني في عام 2017،ممهداً لمليشيات الدعم السريع الطريق لتتقدم وتقتل وترتكب الإبادة تلو الأخرى فيمجازر بشرية وحمامات دم راح ضحيتها أبناء دارفور الذين يوصفونهم بالزرقة ( الفور و الزغاوة والمساليت) … و أكثرها شراسة عندما أوكل البشير مهمة إنهاء المقاومة المسلحة عبر حركات دارفور فقد استنفذت هذه العمليات حركة العدل والمساواة السودانية في معارك شرسةفي كورنوي و فوراوية و أم قوزين آخرها معركة قوز دنقو التي راح ضحيتها نفر عزيزمن المناضلين ثم حاربت حركة تحرير السودان في الملم و ثابت و أبقى راجل جنوب نيالا وغيرها وحاربت حركة تحرير السودان في مناطق جبل مرة في بالدونق وكتروم و روكيرو و دو و فينا و توريبة وغيرها
ظناً من الجنجويد انهم ينهون آخر مواطن أفريقي في هذا الاقليم وما بدأه موسى هلال من عمليات ابادة ونهب للثروات وحرق للقرى حتى بلغت في أضابير الأمم المتحدة أكثر من 5000 قرية بإستخدام سياسة الأرض المحروقة وقد أكمل المهمة محمد حمدان دقلوا حمدتي عبر مليشيات الدعم السريع التي وفر لها البشير والمؤتمر الوطني الغطاءالكامل وبعد أن كانت مليشيات الدعم السريع تتبع للاستخبارات العسكرية تم تدريبها بواسطة جهاز الامن والمخابرات (هيئة العمليات) في مناطق مختلفة منها جبيت وفتاشة وغيرها من المواقع .
الان أصبحت مليشيات الدعم السريع قوية بفضل الأموال والمعينات التي قدمها لهاالبشير و دول الخليج مكافأة عن حربها في اليمن و لتقوية المليشيات هذه المرة ليس بدافع إبادة العنصر الافريقي في دارفور فحسب ، بل كما وصفها المخلوع البشير بان ” حمدتي حمايتي” وذلك لما أصاب نظام المؤتمر الوطني من هشاشة و تصدع في بنيته الداخلية ونشوء بؤرالصراع في السلطة من سلطة عسكرية لدى افراد مثل علي عثمان ( كتائب الظل ) ونافع علي نافع ( مليشيات نافع) هذا ما دفع البشير للوثوق بحمدتي بعد أن شعر بالتآمر عليه من قادة المؤتمر الوطني ورغبتهم في التخلص منه. بالفعل أستمر حمدتي في قتل المدنيين العزل تحت مرأى وسمع قوات اليوناميد. اقتصرت الهجمات على القرى النائية بل تعرضت بعض المعسكرات لهجمات عنيفة اودت بحياة عدد كبير من النازحين. و من أكبر الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع هي الإغتصاب الجماعي لنساء قرية ثابت والتي بلغ عدد الضحايا ١٨٩ فتاة و سيدة في هذه الجريمة النكراء، وقد تم تقديم تقرير مزور لدى الأمم المتحدة و خرجت السيدة عائشة البصري لتكشف عورة المؤتمر الوطني الذي زورالتقرير ودفع الرشاوى السخية لبعض الموظفي الأممين ليغضوا الطرف عن الجرائم وتقديم التقارير المزورة.
حيث أن التاريخ القريب يفضح مؤامرات التجمع العربي بقيادة اللواء عبدالله صافي النور الذي توعد الجنينة بعمليات إبادة شاملة في منصف التسعينيات بعد زعمه أن خطاب إستغاثة وصله من الجنينة. ومن هذه القصة الملفقة التي ضحدتها اللجنة السداسية التي كونها الناظر المرحوم سعيد مادبو … نستنتج إن مخطط إبادة شعب المساليت في حاضرة دار أندوكة مستمر منذ وقت بعيد و بعد الضغط الذي تعرض له إبراهيم يحيى عبد الرحمن و إقالته تحت زريعة الفشل تم تعيين الفريق محمد مصطفى الدابي ممثلاً لرئيس الجمهورية لولايات دارفور و مسؤلاً عن إبادةالمساليت بقوات كبيرة و ميزانيات مفتوحة مما ساعد الدابي من ارتكاب العديد من المجازر في دار مساليت … وأن الهجوم الأخير على الجنينة والذي إستمر لمدة يومين شاركت فيه قوات متعددة من العناصر العربية ضد المساليت منهم من مليشيات الدعم السريع بقيادة نائب القائدالعام للمنطقة الغربية – الجنينة العقيد خلا موسى أمبيلو ومليشيات تشادية من وبعض دول الجوار التي عبرت الحدود وأخرى موجودة داخل السودان منهم الجمالة وراكبي الدراجات النارية الذين يمتلكون أسلحة ثقيلة و أخرى متنوعة… المعارك كانت وحشيةإشتملت على قطع الرؤوس والتمثيل بالجثث الأمر الذي يرحعنا للمربع الأول .
ومما شجع عودة نشاط مليشيات الدعم السريع بهذه الكثافة هو التسليم المبكر لقاعدةاليوناميد بغرب دارفور – الجنينة و فور برنقا و مورني في العام 2018 وهو المخطط الذي جعل البوابة الغربية للإقليم مشرعة لحركة المليشيات و نشاط سوق السلاح و الدراجات النارية و دخول الوافدين من دول الجوار.
والحقيقة الماثلة أن شعب المساليت في الجنينة يتعرضون لأسوأ عمليات تطهير عرقي منذ بداية الحرب في دارفور و مما لا شك فيه أن الجرائم المستمرة ذات الطبيعة المعرفّة في نظام روما تستوجب إلتماس خاص إلى مجلس الأمن لإعادة التحقيق عبر لجنة الخبراءالتابعة لمجلس الأمن و آخر للمدعية العامة للمحكمة الجنائية للتحقيق في هذه الجريمةالمستجدة، من هذا الموقع ندعوا كل ضحايا الهجمات في الجنينة و بقية مناطق دارفور أن يقدموا الأدلة للمحكمة الجنائية الدولية مباشرة .
ومما لا شك فيه ان جريمة كريندينج الأولى 29/12/2019 والتي تزامنت مع احتفالات رأس السنة والتي وعد رئيس الوزراء و وزير العدل وغيرهم بتقديم الجناة إلى المحاسبة والتي لا يسندها أي نص قانوني في الدولة السودانية و وقد صرح الوالي ان الجريمة السابقةلم يحدث أي تقدم في القضية الأولى و المتهمين ما زالوا هاربين من وجه العدالة والحكومة لم تضع أي خطة أو تدابير لنزع السلاح لدى المليشيات العربية التي سلحهاالبشير. و لقد ظلت الدولة السودانية منذ الإستقلال تتبع منهج إفلات المجرمين من العقاب في جرائم كبرى مثل مذبحة عنبر جودة و مذبحة قطار الضعين وغيرها من الجرائم التي لا تجد نص قانوني يختص بجرائم الحرب و الابادة الجماعية طيلة ستون عاماً من عمر الدولة.
إن إعتصام الجنينة الذي حمل لافتات تؤكد رغبة بعض القبائل العربية في إبعادالنازحين ومعسكراتهم من المدينة عبر المطالبة بهذا المطلب العنصري والذي يتطابق ويتوافق مع خطة التجمع العربي التي بدأها صافي النور وعبدالله يحيى وعبدالله مسار وأكملهاموسى أمبيلو بدم بارد ، وانخرطت في هذا المشروع العنصري بعض الأصوات الأخرى التي تسمي نفسها لجان مقاومة العاصمة في عمل يجافي الحقوق الأساسية لسكان المعسكرات من النازحين الذين عانوا ويلات الحرب المتكررة.
إن التساهل المستمر والتعمد من افلات قادة التجمع العربي الذي يقوده صافي النوروعبد الله مسار وغيرهم، هذا التجمع ذو الطبيعة العنصرية الذي يظهر جلياً في المانفستو الخاص بهذا الكيان العنصري كما ورد في خطابهم الى رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي ، وهكذا يستمر محاولات التغيير الديمغرافي للسكان الأصليين لمنطقةغرب دارفور و يتم تهجيرهم قسراً بل و تطالب مجموعات تسمي نفسها القبائل العربيةطرد سكان هذه المعسكرات إلى خارج حدود الوطن، ومن المدهش للمتتبع لظروف اللاجئين الدارفوريين في دولة تشاد الذين يعيشون ظروف قاسية جداً ان ترغب دولة تشاد بتجنيسهم وتجنيد أبنائهم كمرتزقة للاستخدام لكسب رضا الدول الغربية التي تحارب الإرهاب في دول الساحل و الصحراء و هكذا لن يتمكنوا من العودة إلى بلادهم الأصلية مرة أخرى، لينفتح المجال أمام المستوطنين الجدد لإحتلال الأراضي بعد أن طردوا سكانها الأصليين.
كما أن استهداف منظمة محامي دارفور بشكل مباشر واستهداف الوالي كأحد الحقوقيين الذين تتبعوا مسار القضية منذ بداياتها ليس كأحد أبناء كيان المساليت بل بادر أصحاب الإعتصام على معادة هيئة محامي دارفور التي ترأسها الدومة لسنوات و هي منظمة محايدة و متخصصة تعتمد منهج الدفاع عن الضحايا وكشف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة في دارفور.
أخيراً يجب على الجميع في الدولة السودانية أن يدركوا مغبة التساهل مع هذاالاستيطان والذي لن ينتهي عند حدود قبيلة واحدة أو حتى إقليم دارفور بل يستمر في التعدي على مناطق أخرى، و أن هذا زرع الإنقاذ من استمرار في الفتنة و الجهوية وتفتيت الدولة السودانية و تمزيق نسيجها القبلي و الاجتماعي.
مع السلامة
الطيب عبد الماجد لا أدري من هو هذا المسافر ولكن بالحب والدموع كان الوداع على عتبات المطار …